التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الجولان: إدانة دولية تتصاعد
اللواء عبد الواحد لليوم: إسرائيل تسعى لفرض أمر واقع في المنطقة عبر التوسع الاستيطاني

صادقت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على قرار تخصيص 12 مليون دولار لتعزيز الاستيطان في هضبة الجولان السورية المحتلة. وقد قوبل هذا القرار بإدانة شديدة من عدة دول، بما في ذلك مصر والعراق وقطر وتركيا، حيث اعتبرت هذه الدول أن التوسع في الاستيطان يعد انتهاكًا لسيادة سوريا ويعكس استمرارًا في سياسة الاحتلال الإسرائيلي.
ويسعى موقع “اليوم” لرصد أبعاد الأزمة السورية وتدخلات القوى الكبرى بعد سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، كما نرصد الموقف الدولي بشأن الاستيطان الإسرائيلي في الجولان السوري.
الأزمة السورية
أكد اللواء محمد عبد الواحد، الخبير في العلاقات الدولية وشؤون الأمن القومي، في تصريحات خاصة لـ”اليوم” ، أن الأزمة السورية لا ينبغي اختزالها في صراع بين المعارضة والنظام السوري فقط، أو في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي مع حركات مثل حماس وحزب الله.
وأشار إلى أن هذه الأزمة لها أبعاد متعددة تشمل بعدًا إقليميًا ودوليًا، إذ تتداخل مصالح القوى الكبرى في المنطقة.
وأوضح اللواء عبد الواحد أن الصراع في سوريا يمثل جزءًا من تنافس إقليمي بين دول مثل إسرائيل وتركيا وإيران، وأيضًا جزء من صراع دولي بين القوى الكبرى. ففي الوقت الذي تنافس فيه الولايات المتحدة، الغرب، وإسرائيل من جهة، نجد روسيا، الصين وإيران من جهة أخرى، كل منهم يسعى لتحقيق مصالحه في المنطقة.
تدمير الجيش السوري
وأشار اللواء عبد الواحد إلى أن إسرائيل لديها أجندة “خبيثة” وواضحة في المنطقة، حيث تسعى لتوسيع مستوطناتها في الأراضي المحتلة، مستفيدة من العمليات العسكرية في سوريا لتدمير قدرات الجيش السوري وتقويض أي محاولات للتنمية في المنطقة.
وقال إن إسرائيل تهدف إلى السيطرة على الأجواء السورية بشكل كامل، مما يسمح لها بالتحليق دون أي قيود أو اعتراض من الأطراف الأخرى.
وفيما يخص الهجمات الإسرائيلية على المواقع السورية، قال اللواء عبد الواحد إن إسرائيل شنت ضربات على قطع حربية دفاعية سورية، مثل وحدات البحرية والأسطول البحري السوري، التي لا تشكل أي تهديد مباشر لإسرائيل، حيث أن الأسلحة التي تمت مهاجمتها لا تمتلك القدرة على تهديد الأمن الإسرائيلي.
وأوضح أن الصواريخ السورية في تلك القطع لا تتجاوز مدى 30 كيلو مترًا، بينما الصواريخ الإسرائيلية من الجيل الخامس لها مدى يصل إلى 200-250 كيلو متر.
الخريطة السياسية
وأضاف اللواء أن الخريطة السياسية في المنطقة بدأت تتغير لصالح الغرب، حيث بدأ النفوذ الإيراني في التراجع بشكل كبير في العديد من المناطق مثل غزة، جنوب لبنان، وسوريا. وأشار إلى أن التواجد الروسي في المنطقة أيضًا بدأ يقل بشكل ملحوظ، ما قد يؤدي إلى تقليص الدور الروسي في المنطقة في المستقبل القريب، سواء من خلال ضربات أو عبر مضايقة التواجد الروسي.
اقرأ أيضًا:مخرجات اجتماع العقبة..سناريوهات انتشار الذئاب المنفردة في سوريا
لا حدود لإسرائيل
وواصل اللواء عبد الواحد حديثه عن خطط إسرائيل التوسعية في المنطقة، موضحًا أن تل أبيب تسعى لتوسيع مستوطناتها في الجولان السوري المحتل، مؤكداً أن إسرائيل لا تقتصر على تقديم نفسها كدولة تسعى لحماية أمنها، بل هي دولة لها أجندة استعمارية توسعية تهدف إلى السيطرة على مزيد من الأراضي.
وقال إن التصريحات الإسرائيلية عن الأوضاع في الجولان هي رسائل ضمنية لدول المنطقة بأن هناك نفوذًا إسرائيليًا في الأراضي التي ترغب في ضمها.
وأشار الخبير الأمني إلى أن إسرائيل قد وصلت إلى منطقة العزلة في الجولان السوري، حيث سيطرت على المناطق التي تحتوي على منابع المياه، مثل جبل الشيخ، الذي يمتد من سوريا إلى لبنان.
وأوضح أن إسرائيل ترغب في السيطرة على القرى الجنوبية مثل درعا والسويداء، وهي المناطق التي تحتوي على موارد مائية استراتيجية.
واختتم اللواء عبد الواحد بالقول إن هناك جهودًا استخباراتية تشير إلى أن إسرائيل تسعى لضم هذه المناطق إلى الأراضي المحتلة، كما فعلت مع الجولان، وهي تهدف إلى تحقيق ذلك في إطار حرب نفسية موجهة إلى الشعب السوري والدول المجاورة.
إدانة دولية
وأدانت وزارة الخارجية المصرية هذا القرار، مؤكدة أن إسرائيل تواصل فرض سياسة الأمر الواقع في الجولان المحتل وتغيّر الوضع الديموغرافي للمنطقة، وهو ما يتعارض مع القوانين الدولية واتفاقيات جنيف. وطالبت مصر المجتمع الدولي ومجلس الأمن باتخاذ إجراءات لوقف هذه الانتهاكات.
من جانبها، استنكرت وزارة الخارجية العراقية القرار، مشددة على أن التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الجولان يمثل تصعيدًا خطيرًا في سياسة الاحتلال.
وفي السياق ذاته، أدانت قطر بشكل قاطع هذه الخطط، معتبرة أنها تمثل تحديًا للسلام في المنطقة.
وزارة الخارجية التركية أيضًا أدانت القرار، مشيرة إلى أن استمرار الاستيطان في الجولان سيقوض جهود تحقيق الاستقرار في سوريا والمنطقة بشكل عام. في حين حذر نائب وزير الخارجية الروسي إسرائيل من محاولات ضم مرتفعات الجولان، معتبرًا ذلك أمرًا غير مقبول.