وكيل الأزهر: الإرهاب الصهيوني وصمة عار

افتتح فضيلة أ.د/ محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، مؤتمر الأزهر العالمي الأول لكلية طب الأسنان، والذي عُقد تحت شعار “ماضٍ عريق وحاضر رائد ومستقبل مشرق”، مشددًا على أهمية استثمار التراث الحضاري للأمة في بناء الحاضر واستشراف المستقبل.
أكد فضيلته أن الأمة الإسلامية تعاني من محاولات متكررة لقطع الصلة بماضيها العريق وتراثها الثري، لافتًا إلى أن الحاضر يحتاج إلى معاصرة رشيدة تستند إلى أسس ثابتة، بعيدًا عن الانقياد الأعمى لكل جديد.
ووجّه وكيل الأزهر انتقادات حادة للإرهاب الصهيوني، مؤكدًا أن الجرائم الوحشية التي تُرتكب بحق الأبرياء في غزة هي جرائم ضد الإنسانية تُثبت أن الصهاينة “عصابة إرهابية”، بينما يقف العالم صامتًا أمام هذه الفظائع بدوافع غير إنسانية.
وقال فضيلته: “مشاهد قتل الأبرياء من الأطفال والنساء والعُزَّل دليل على أن ضمير الحضارة المعاصرة قد مات، وأن إنسانية الغرب زائفة”.
رؤية الأزهر للمستقبل: العلم والأخلاق جناحا التقدم
في كلمته أمام المؤتمر، أكد الدكتور الضويني أن المستقبل يتطلب تخطيطًا واعيًا يوازن بين الأصالة والمعاصرة، مشيرًا إلى أن الأزهر يعمل على ترسيخ قيم الأخلاق والسلام في كافة المجالات، بما في ذلك المجال الطبي.
أوضح فضيلته أن المؤتمر يهدف إلى تقييم تجربة كلية طب الأسنان عبر تفاعلها مع خبرات متنوعة، وفتح آفاق التنمية المهنية لأعضاء هيئة التدريس والطلاب، من خلال التعاون العلمي مع جامعات عالمية.
أضاف: “هذا المؤتمر يشهد تلاقحًا علميًا دوليًا يعكس رسالة الأزهر في الجمع بين العلوم والمعارف المختلفة، بما يُبرز مكانة الأخلاق كعنصر أساسي في العمل الطبي. نحن أمة السلام والأخلاق، وطبنا طب السلام والأخلاق”.
التعاون الدولي والنهضة العلمية بكلية طب الأسنان
أشار وكيل الأزهر إلى أن المؤتمر يمثل فرصة لتعزيز التعاون البحثي والعلمي بين كلية طب الأسنان بجامعة الأزهر والجامعات الدولية.
وشهدت فعاليات المؤتمر توقيع بروتوكولات تعاون مع جامعات أوروبية وآسيوية، فضلًا عن شراكات استراتيجية مع مؤسسات أكاديمية متعددة.
أكد أن كلية طب الأسنان شهدت طفرة علمية ملحوظة، تُوّجت بتجديد اعتمادها من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد، مع اعتماد آليات جديدة لدعم الطلاب وأطباء الامتياز، منها المسابقات العلمية بين الجامعات المصرية والدولية.
الأخلاق الطبية: جوهر رسالة الأزهر في العلوم الصحية
تطرق الدكتور الضويني إلى الأهمية التاريخية للأخلاق في مجال الطب، موضحًا أن الحضارة الإسلامية قدّمت نماذج رائدة في هذا المجال عبر كتب مثل “أدب الطبيب” لإسحاق الرهاوي و”أخلاق الطبيب” للرازي.
أكد أن المؤتمر يوفر فرصة فريدة لتسليط الضوء على هذه القيم الأخلاقية، ونقل صورة إيجابية عن الطبيب الأزهري المتخلق.
قال فضيلته: “الأخلاق الطبية ليست مجرد نظريات، بل هي جوهر رسالة الطب الإسلامي منذ القدم قسم أبقراط يُبرز هذه القيم، ولكن العلماء المسلمين أسهموا بشكل رائد في تأصيلها وتنظيمها”.
دور الأزهر في الجمع بين العلوم الشرعية والطبية
أكد وكيل الأزهر أن رسالة الأزهر تمتد لتشمل كافة العلوم، مشيرًا إلى أن المؤسسة الأزهرية نجحت عبر تاريخها الممتد لأكثر من ألف عام في الجمع بين العلوم الشرعية وعلوم الحياة.
وأضاف: “الأزهر يقدم نماذج فريدة تجمع بين علوم الدين والطب والفلك والجغرافيا وغيرها، ليؤكد أن التحضر مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأخلاق”.
التوازن بين الانفتاح والحفاظ على الهوية
اختتم الدكتور الضويني كلمته بثلاث رسائل رئيسية:
1. ضرورة استكشاف العالم: شدد على أهمية الانفتاح على العالم والاستفادة من تجاربه، مشيرًا إلى أن السير في الأرض للتعلم والتأمل أمر إلهي، وليس مجرد نشاط عابر.
2. إعداد الكوادر الطبية: أكد أن تأهيل الكوادر الطبية هو واجب ديني وضرورة عصرية، وليس مجرد أمنية أو فكرة مثالية.
3. التوازن بين الانفتاح والهوية: دعا إلى تحقيق التوازن بين الانفتاح على العالم والحفاظ على الهوية الثقافية، مؤكدًا أن الأزهر يعمل على قراءة الذات والعالم معًا، دون المساس بالثوابت.
رسالة الأزهر للعالم: بناء الإنسان على أسس راسخة
أشار وكيل الأزهر إلى أهمية دور المؤسسات التعليمية والتربوية في بناء الإنسان وصياغة جيل واعٍ يحمل القيم الدينية والأخلاقية والعلمية.
وقال: “علينا أن نبني الإنسان على أسس راسخة من العقيدة والتاريخ واللغة والقيم، مع إتاحة الفرصة للاستفادة من خبرات العالم وتجارب الشعوب، لنُخرِج جيلاً متميزًا في كافة المجالات”.
بهذه الرؤية الجامعة، اختتم وكيل الأزهر كلمته، مؤكدًا أن الأزهر سيظل منارة للعلم والأخلاق، ومنصة للحوار والتعاون بين الأمم، مستشرفًا مستقبلًا أكثر إشراقًا للأمة الإسلامية والعالم أجمع.