مقالات

الإعلامية هيام أحمد تكتب: «الناجي الوحيد»

هل يستطيع الإنسان أن يعيش في الحياة وحده ؟ قد يستطيع الإنسان أن يعيش وحده جسديًا لكن قلبه وعقله يحتاجان دائمًا إلى صلةٍ ما تروي العزلة وتخفف من وطأتها ،ولكن حين لا يكون ابهار الناس او ارضائهم غايته.

حين يعيش لنفسه وحين يحدث نفسه عن كل شيء عن خوفه، عن شكه ،عن خيباته أن يعبر عن صراعه مع نفسه وكأنه الناجي الوحيد لأن في هذا الواقع غدارا يتكلم عن الصداقة وصادقاً يتهم بالغدر ،وكاذبا يتكلم عن الصدق وآمين يتهم بالخيانة يالا العجب ،في هذا العالم صراع دائم بين ما يجب أن يبقى وما يجب أن يمحى، بين ما هو أصيل وما هو زائد، وكأننا في عملية نحت لا تنتهي بحثا عن ذاتنا الأكثر نقاءً.

الناجي الوحيد لقب لا يمكن أن تجد في هذا العالم شيء أكثر إيلاماً منه ماذا يعني أن تنجو وحدك ما قيمة النجاة حينها ؟هناك نقطة انتباه للنفس من فترة لأخرى لإعادة صياغة العلاقات والتخلص من الشوائب الزائدة فنضفي عليها الجديد من حين لآخر ،وتعلم في هذه آلحياة لا تأخذ جرعة كبيرة من الثقة ،اترك مكاناً للخيبة ومكاناً لإستيعابها أيضاً ،إننا لا ننتهي أبدًا من صنع أنفسنا ،كلنا منا بداخله يردد (أشعر هذه الأيام بأنني أواجه نفسي مثل نحات يقف أمام صخرة يجب أن يزيل منها كل ما هو غير جوهري).

خوان خوسيه،الناجي الوحيد رغم نجاته الجسدية كان يعيش في عزلة نفسية،وهو يرى نفسه حياً بينما الآخرين ذهبوا، كانت تلك المعركة الداخلية أصعب من أي شيء قد يواجهه في الحياة. ومع مرور الوقت، أدرك أن البقاء على قيد الحياة ليس مجرد مسألة جسدية بل هو أيضاً عن كيفية التعامل مع الوحدة والألم والشعور بالذنب،ولكنه في النهاية أدرك أن الحياة على الرغم من فاجعتها تمنحنا فرصة للنمو والبحث عن معنى جديد في كل لحظة.

إن الناجي الوحيد ليس فقط من ينجو جسدياً بل من يتمكن من العثور على القوة في داخله لتجاوز المحن،لذلك أنصحك عزيز القارئ إياك وتأجيل السعادة، في انتظار أن تتحسن الظروف ،واحرص على اقتناص فرص الفرح، حتى الصغيرة منها وحاول الاستمتاع برحلة الحياة في جميع محطاتها فالحياة أكبر من أن تختزل في الحدث الأخير الذي قد لا يحدث وعلى نياتكم ترزقون ،اؤمن بها واطمئن لها فعندما تكون نقيا من الداخل يمنحك الله نوره يحبك الناس دون سبب وتأتيك مطالبك دون ان تنطق بها ومع العمر والتجربة تكتشف انها أعظم أسباب التوفيق.

تفتح لك أبواب الخير مهما حاول البعض اغلاقها،أحيانًا تكون النجاة الحقيقية ليست في البقاء على قيد الحياة بل في القدرة على العيش بعد الفقد إذا أردت النجاة يجب أولاً أن تجد قوتك الداخلية وأن تتحلى بالصبر والإرادة وأن تستمر في مواجهة التحديات بعقل هادئ وتحافظ على إيمانك بقدرتك على تخطي الصعاب ،لا تتجاهل أهمية التكيف مع الظروف بل تعلم كيف تستفيد من كل تجربة مهما كانت قاسية، النجاة ليست فقط في البقاء على قيد الحياة، بل في تعلم كيف تعيش بأملٍ جديد رغم كل العواصف ،سأمدح هذا الصباح الجديد سأنسى الليالي كل الليالي وأمشي إلى وردة الجار أخطف منها طريقتها في الفرح ،محمود درويش،اللهم اجعل لي من كل ضيق مخرجًا ومن كل هم فرجًا ومن كل بلاء نجاة اللهم ارزقني الصبر على ما أواجه، والقوة لتخطي المحن، وارزقني الأمل في كل خطوة أخطوها اللهم احفظني بحفظك وكن لي في الدنيا والآخرة رفيقًا، آمين”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى