أخبار

ذاكرة اليوم.. الأزهر الشريف وقضية القدس مواقف ثابتة عبر الزمن

 

تعتبر قضية القدس من أبرز القضايا التي تلتزم بها مؤسسة الأزهر الشريف، التي وقفت بصلابة وعزم منذ تأسيسها في مواجهة التحديات السياسية والعسكرية التي تمر بها القدس وفلسطين.
وقد أثبت الأزهر في مواقفه المتكررة أنه ليس مجرد مؤسسة دينية، بل هو قلعة للدفاع عن قضايا الأمة الإسلامية، خاصة القدس، التي يمثل تماسكها حجر الزاوية في الهوية العربية والإسلامية.

يتضح دور الأزهر في دعم قضية القدس من خلال مواقفه الرسمية، ومشاركاته الفاعلة في المؤتمرات الدولية، وبياناته العاجلة التي تسلط الضوء على الانتهاكات الإسرائيلية ضد المدينة المقدسة ومقدساتها الإسلامية.

المواقف الرسمية للأزهر تجاه القدس

منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي للقدس في عام 1967، وأثناء عملية التهويد المستمرة، تصدى الأزهر الشريف بقوة لكل محاولات تغيير هوية القدس وتدنيس المقدسات الإسلامية في المدينة. على مر السنوات، تبنى الأزهر عدة مواقف دينية وسياسية ترفض السيادة الإسرائيلية على القدس، مؤكدًا أن المدينة ستظل عربية إسلامية.

في عام 2017، وبالأخص بعد قرار الولايات المتحدة الأمريكية بنقل سفارتها إلى القدس، دعا الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إلى تحرك سريع من المجتمع الدولي لرفض القرار.
حيث وصف قرار ترامب في ذلك الوقت بأنه “انتهاك سافر للقانون الدولي” و”تجاوز لحقوق الفلسطينيين” هذا الموقف كان له تأثير كبير في تعزيز الوعي الدولي وتحفيز الدول العربية والإسلامية على اتخاذ خطوات مضادة لهذا القرار.

علاوة على ذلك، في عام 2020، أطلق الأزهر بيانًا رسميًا عقب خطوة إسرائيلية لتوسيع المستوطنات في القدس، وندد في هذا البيان بسياسة الاحتلال في المدينة، مؤكداً أن “القدس هي جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي.”

الأزهر: أولى الدعوات لوقف الانتهاكات في القدس

يُعد الأزهر الشريف من أوائل المؤسسات التي نادت بإلغاء القرارات الظالمة ضد القدس، حيث أطلق دعواته في أكثر من مناسبة لوقف الهجمات الإسرائيلية على المسجد الأقصى والتهويد المتزايد في القدس القديمة.
وكانت واحدة من أبرز حملات الأزهر هي الدعوة إلى حماية المسجد الأقصى الذي يتعرض بشكل متكرر للممارسات الإسرائيلية الهادفة إلى تغييره من الناحية المعمارية والدينية.

في عام 2018، أرسل الأزهر الشريف رسالة مفتوحة إلى المجتمع الدولي يشدد فيها على ضرورة وضع آلية دولية لضمان حماية القدس والمسجد الأقصى، ورفض أي محاولات لتغيير الوضع القائم في المدينة.
وأكد الأزهر في رسالته أن “التواجد الإسرائيلي في القدس هو احتلال غير شرعي يجب أن يتوقف فورًا.”

مشاركة الأزهر في محافل دولية: دفاع مستمر عن القدس

على المستوى الدولي، يقف الأزهر الشريف مؤيدًا للقرارات الدولية التي تعترف بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس ومن أبرز مواقفه في المحافل الدولية مؤتمر الأزهر العالمي لدعم القدس الذي عُقد في عام 2018، بمشاركة ممثلين من الدول العربية والإسلامية وبعض المنظمات الحقوقية الدولية.

في هذا المؤتمر، شدد الدكتور أحمد الطيب على ضرورة الضغط الدولي على إسرائيل لوقف الإجراءات الاستيطانية في القدس.
كما أكّد أن الأزهر الشريف سيظل مدافعًا عن القدس في جميع المحافل الدولية، مشيرًا إلى أن “القدس عاصمة فلسطين الأبدية، ولن تتحقق السلام العادل إلا بعودتها إلى الشعب الفلسطيني.”

واستمر الأزهر في حث المنظمات الدولية على دعم المواقف الفلسطينية، داعيًا في أكثر من مناسبة إلى عزل إسرائيل سياسيًا ودبلوماسيًا.
في عام 2019، شارك الأزهر في منتدى دعم القدس الذي استضافته الرباط بالمغرب، حيث كانت القضية الفلسطينية والقدس هي المحور الأساسي للمناقشات، وكان للأزهر حضور بارز في عرض الحقائق التاريخية الخاصة بالقدس، مُؤكدًا في الوقت ذاته أن القدس جزء لا يتجزأ من فلسطين.

التفاعل المحلي: دعم الأزهر لقضية القدس في مصر

على المستوى المحلي في مصر، يواصل الأزهر الشريف حشد الجهود من خلال البرامج الدعوية، وخطب الجمعة التي تتناول قضية القدس، و التوعية بمخاطر الاحتلال الإسرائيلي.
ففي كل عام، تنظم وزارة الأوقاف المصرية بالتعاون مع الأزهر الشريف فعاليات متنوعة في ذكرى النكبة الفلسطينية، التي تشمل ندوات دينية و محاضرات توعوية تُقدم للطلاب في مختلف المدارس والمعاهد الأزهرية، وكذلك الفئات المجتمعية المختلفة بهدف تعزيز الوعي الفلسطيني والمطالبة بالحقوق الفلسطينية.

الأزهر الشريف يدرك تمامًا أن القدس ليست مجرد مكان ديني، بل هي جزء من الهوية الثقافية والـحضارية للعالمين العربي والإسلامي، وبالتالي فإن الدفاع عنها يعني الدفاع عن مستقبل الأمة بأسرها.

الأزهر والقضية الفلسطينية: ربط الأبعاد الدينية والثقافية والسياسية

المواقف الثابتة للأزهر الشريف تظهر تكامل دوره في الدفاع عن القدس من عدة زوايا؛ فهو من جهة يدافع عن الحق الديني في المدينة المقدسة، ومن جهة أخرى يطالب بحماية الحقوق الثقافية والحفاظ على الهوية العربية والإسلامية ففي العديد من الفتاوى، يؤكد الأزهر على أن “القدس هي واجب إسلامي وأن دعمها هو فرض عين على كل مسلم.”

ويستمر الأزهر في تفعيل دوره الدولي عبر شركائه في العالم الإسلامي، وأيضًا من خلال العلاقات الثنائية مع الدول الكبرى التي لها تأثير مباشر على الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

المبادرات التعليمية والتوعوية لدعم قضية القدس

أطلق الأزهر العديد من المبادرات التوعوية التي تهدف إلى نشر الوعي بين الأجيال الشابة في مصر والعالم الإسلامي حول قضية القدس.
حيث يواصل الأزهر من خلال المنهج التعليمي في المدارس والمعاهد الأزهرية التأكيد على أن القدس جزء من فلسطين، وأن الاحتلال الإسرائيلي لا يمكن أن يدوم.

كما يسهم الأزهر في تنظيم ورش عمل و دورات تدريبية للطلاب والخطباء في مختلف أنحاء العالم الإسلامي للتعريف بالقضية الفلسطينية، ودور القدس في التاريخ الإسلامي، في مسعى لنقل الوعي الجماعي حول تاريخ القدس، وزيادة الشعور بضرورة الدفاع عنها.

الأزهر الشريف يواصل دوره الثابت في دعم قضية القدس، ويظل يعمل في جميع المنابر الدولية والمحلية لدعم الحقوق الفلسطينية و التأكيد على هوية القدس العربية الإسلامية.
إن مواقف الأزهر في دعم القدس تبقى حجر الزاوية في سياسته الدينية، وهو يجسد نموذجًا للتضامن العربي والإسلامي في مواجهة العدوان الإسرائيلي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights