شهد جناح الأزهر الشريف في معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام مشاركة فنية متميزة من قطاع المعاهد الأزهرية، حيث تم عرض نحو 100 عمل فني متنوع بين اللوحات والمجسمات، والتي جاءت ثمرة إبداعات طلاب ومعلمين من 12 منطقة أزهرية تشمل القاهرة الكبرى والوجهين البحري والقبلي.
وقد عكست هذه الأعمال رؤية فنية غنية، دمجت بين الأصالة والمعاصرة، لتقدم نموذجًا فريدًا من التعبير الفني الذي يعبر عن الهوية المصرية ويستشرف المستقبل، تحت شعارات ثقافية وحضارية مبتكرة.
محاور فنية جديدة: استلهام من الماضي وتطلّع إلى الغد
تميزت المشاركة هذا العام بتحديد محاور فنية هادفة، شملت:
التنوع الثقافي والاندماج المجتمعي، حيث سلطت الأعمال الضوء على التعددية الثقافية في المجتمع المصري.
ذاكرة الأماكن، عبر أعمال تجسد المعالم التاريخية والتراثية لمصر.
وجوه الأمل، التي ركزت على تعبيرات الأمل والطموح في وجوه الشخصيات المختلفة.
المرأة المصرية ركيزة المجتمع، من خلال أعمال فنية احتفت بدور المرأة في بناء المجتمع.
كما تضمنت المشاركة لوحات فنية تستشرف المستقبل باستخدام التقنيات الرقمية الحديثة، بجانب لوحة خاصة لشخصية جناح الأزهر لهذا العام، العالِم الجليل الدكتور محمد عبد الله دراز، التي أضافت طابعًا تراثيًا للجناح.
تنوع تقني مذهل: من الرسم إلى الفنون الرقمية
أبدع معلمو ومعلمات التربية الفنية، بالتعاون مع الطلاب الموهوبين، في استخدام تقنيات فنية متنوعة، تضمنت:
الرسم بالفحم والألوان الزيتية، لإبراز مهارات التظليل والتدرج اللوني.
الخط العربي، كأحد الفنون الإسلامية الأصيلة.
الحرق على الخشب وأشغال المعادن، التي أظهرت إبداعات متميزة في فن الحفر والنحت.
فن الديكوباج والطباعة وأشغال الجلود، بأساليب فنية مبتكرة.
إعادة التدوير والفنون الرقمية المستحدثة، التي عكست الوعي البيئي واستخدام التكنولوجيا في الفن.
ومن بين الأعمال التي جذبت أنظار الزوار، المجسمات الفنية المضيئة والمتحركة، مثل مجسم “القرية النوبية”، الذي تميز بتصميمه الدقيق واستخدام الإضاءة لإبراز تفاصيله، إلى جانب الأعمال الرقمية التي قدّمت تجربة بصرية فريدة في توظيف التكنولوجيا بالفن.
إقبال واسع وتفاعل جماهيري مميز
شهد الركن الفني بقطاع المعاهد الأزهرية إقبالًا واسعًا من الزوار، حيث توافد عليه جمهور متنوع، من كبار السن والأطفال وذوي الهمم، إلى جانب زوار من إندونيسيا، تايلاند، روسيا، الإمارات، السعودية وغيرها.
وتفاعل الحاضرون مع المعروضات عبر التقاط الصور التذكارية، خاصة مع إبداعات الطلاب التي وُصفت بـ “الفنانين الصغار”، مما خلق جوًا بهيجًا عكس مدى الفخر بإبداعات الأزهر الشريف، وأبرز دور المعاهد الأزهرية في تنمية المواهب الفنية لدى طلابها.
الفن كأداة للحوار الثقافي والتواصل الحضاري
أكدت الدكتورة دعاء صبري، عضو المكتب الفني لرئيس قطاع المعاهد الأزهرية ومسؤول المعرض الفني، أن هذه المشاركة تهدف إلى تعزيز الحوار الثقافي، وإبراز التنوع الفني داخل المجتمع الأزهري، مؤكدةً أن الأعمال المعروضة تعكس رؤية الأزهر في دمج القيم الروحية مع الإبداع المادي.
وأوضحت أن جناح الأزهر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب يعد بمثابة بوابة ثقافية مفتوحة للعالم، تجسد روح الإبداع التي تتناغم مع رسالة الأزهر في بناء الإنسان ونشر ثقافة الجمال، من خلال الفن الذي يحمل مضامين فكرية وتربوية عميقة.
مشاركة مستمرة ومساحة أوسع لجناح الأزهر
يشارك الأزهر الشريف للعام التاسع على التوالي بجناح متميز في معرض القاهرة الدولي للكتاب، وذلك ضمن مسؤولياته التعليمية والدعوية لنشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير، الذي تبنّاه لأكثر من ألف عام.
ويقع جناح الأزهر في قاعة التراث رقم (4) على مساحة تبلغ نحو 1000 متر مربع، ويضم عدة أركان، تشمل:
قاعة الندوات، التي تستضيف حوارات ثقافية وفكرية.
ركن الفتوى، الذي يقدم استشارات دينية مباشرة.
ركن الخط العربي، لإبراز فنون الخط الإسلامي.
ركن الأطفال والمخطوطات، حيث يتم عرض كنوز تراثية وألعاب تعليمية.
تأتي هذه المشاركة استمرارًا لرسالة الأزهر في دعم الثقافة والفنون، وترسيخ القيم الإبداعية التي تنعكس في وجدان الأجيال الجديدة، مما يجعل جناحه في معرض الكتاب منارة ثقافية تستقطب الزوار من مختلف أنحاء العالم.
