حوار : الشعراوى عبدالله
لاشك أن الذكاء الاصطناعي ( AI ) أصبح أحد المحركات الرئيسية للثورة الرقمية الحديثة، حيث تسارعت وتيرته لتطال مختلف مجالات الحياة، ومن بينها مجال الإعلام والصحافة.
والذكاء الاصطناعي لا يقتصر فقط على أتمتة العمليات الروتينية، بل يمتد إلى تقديم رؤى تحليلية، وإنشاء محتوى إخباري، وحتى تقديم الأخبار بشكل آلي.
هل يمكن لهذا التطور أن يحل محل الصحفي التقليدي أم أنه سيكون أداة تعزز دوره وتزيد من كفاءته ؟
الذكاء الاصطناعي في العمل الإعلامي إنتاج وتحليل المحتوى الإخباري والصحفي العديد من المؤسسات الإعلامية الكبرى، مثل وكالة الأنباء “أسوشيتد برس” وصحيفة واشن طن بوست” بدأت في استخدام الذكاء الاصطناعي لإنتاج التقارير الإخبارية البسيطة.
خاصة التي تتطلب معالجة سريعة لبيانات ضخمة مثل الأخبار المالية والرياضية. تستخدم هذ ه التقنيات خوارزميات متطورة لمعالجة البيانات وتحويلها إلى نصوص مقروءة بطريقة طبيعية.
وذلك هو نظام ويسبر” ( Whisper ) الذي يقوم بإنتاج التقارير الإخبارية الاقت صادية خلال ثوان قليلة. كما أن إحدى الميزات الكبرى للذكاء الاصطناعي هي قدرته على تحليل البيانات الضخمة ) Big Data بشكل أسرع وأكثر دقة من البشر.
واضاف الدكتور محمد مصطفى مدرب مهارات الحاسب الآلي والذكاء الاصطناعي: أن للذكاء الاصطناعي يمكن أن يقوم بتحليل البيانات المتعلقة بمواقع التواصل الاجتماعي الأخبار العاجلة، والتوجهات العامة للمستخدمين، وهذا ينعكس ع لى سرعة وصول الصحفيين إلى رؤى أكثر دقة حول الأحداث الجارية.
وايضا تحسين البحث والتحقق من المعلومات وغني عن الذكر أن التحقق من الأخبار المزيفة ( Fake News ) أصبح من أهم التحديات لت ي تواجه الصحفيين في العصر الرقمي.
هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دورا رئيسيا في كشف التزييف عبر تحليل مصادر الأخبار وتقييم مصداقيتها؟
نعم، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دورًا رئيسيًا في كشف التزييف من خلال تحليل مصادر الأخبار وتقييم مصداقيتها وتُستخدم تقنيات مثل معالجة اللغة الطبيعية (NLP) والتعلم الآلي لتحليل المحتوى الإعلامي.
بالإضافة إلى اكتشاف الأنماط اللغوية التي قد تشير إلى وجود معلومات مضللة أو متحيزة على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي تحديد أساليب الإقناع والدعاية، مثل المبالغة والتكرار، التي تُستخدم للتأثير على آراء القراء. بالإضافة إلى ذلك، يمكنه تحليل الإطارات السائدة في الأخبار، مثل الهوية الثقافية أو العدالة، لتقديم صورة أوضح للسياق الإعلامي.
كما تعد هذه القدرات تجعل الذكاء الاصطناعي أداة فعّالة في مكافحة انتشار الأخبار المزيفة وتعزيز مصداقية المحتوى الإعلامي.
على سبيل المثال تعتمد بعض ا لأنظمة على تعلم الآلة لتحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد مدى صحتها تخصيص المحتوى للجمهور المستهدف كما يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل سلوك المستخدمين وتقديم محتوى مخصص فمثلاً تقوم منصات مثل “نتفليكس” و “يوتيوب” باستخدام الذكاء الاصطنا عي لتوصية المحتوى المناسب لكل مستخدم.
وأضاف مصطفى: يمكن تطبيق هذا النموذج في الصحافة الرقمية التقديم مقالات وأخبار تتناسب مع اهتمامات القارئ الفردية التحديات التي تواجه توظيف الذكاء الاصطناعي في الإعلام رغم الفوائد الهائلة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي.
إلا أن هناك تحديات وعقبات تعترض طر يق تطبيقه الكامل في مجال الإعلام. ف يبقى الإبداع والإحساس الإنساني في الكتابة الصحفية أمرًا لا يمكن استبداله بالذكاء ال اصطناعي.
فالصحافة ليست مجرد جمع للمعلومات، بل هي فن صياغة القصص وتحليل الأح دات من منظور إنساني، وهو ما يصعب تحقيقه عبر الخوارزميات وحدها. أضف إلى ذلك انتشار الأخبار المزيفة والفيديوهات المفبركة، فعلى الرغم من قدرة الذكاء ال اصطناعي على كشف الأخبار المزيفة، إلا أنه قد يكون أيضًا أداة لنشر هذا التضليل.
هل يؤدى الذكاء الاصطناعى إلى مخاوف ؟
بكل تأكيد هو أن يؤدي انتشار الذكاء الاصطناعي إلى تقليل الحاجة إلي الصحفيين، خاصة في الوظائف التي تعتمد على جمع البيانات وإعداد التقارير البسيطة.
ومع ذلك، يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي سيخلق فرضا جديدة بدلا من أن يلغي الوظائف التقليدية التوازن بين الذكاء الاصطناعي والصحافة التقليدية في خضم التحولات الرقمية المتسارعة لا ينبغي النظر إلى الذكاء الاصطناعي كبديل المصحف ي بل كشريك يعزز قدراته ويمنحه أدوات أكثر دقة وفاعلية.
فالمستقبل الإعلامي لا يبنى على الاستغناء عن المهارات الإنسانية، بل على دمجها بذكاء مع التطور التكنولوجي ويبقى الت حدي الأكبر في تحقيق توازن دقيق بين الإبداع الصحفي والتقنيات الحديثة.
عبر تدريب الصحفيين على استثمار هذه الأدوات بوعي، ووضع معايير أخلاقية تحمي نزاهة المهنة. وهكذا ، يبقى الصحفي هو قلب القصة وروحها، فيما يكون الذكاء الاصطناعي مجرد نبض يعزز إيقاعها.
