أمين البحوث الإسلامية في الدنمارك: الإسلام دين العدل والمساواة ورفض العنصرية

ألقى الدكتور محمد عبد الدايم الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، خطبة الجمعة في مركز المنهاج الإسلامي بالعاصمة الدنماركية كوبنهاجن، في مستهل زيارته الرسمية بتوجيهات من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف.
خلال الخطبة، شدد الجندي على القيم الأساسية التي يدعو إليها الإسلام، وعلى رأسها العدل، والمساواة، ورفض العنصرية بجميع أشكالها، مؤكداً أن الإسلام لا يميز بين البشر على أساس الدين أو العرق أو الجنس أو اللغة، بل يقوم على مبدأ تكريم الإنسان دون تفريق.
حضر خطبة الجمعة عدد من الشخصيات الدبلوماسية، من بينهم السفير محمد كريم شريف، نائب السفير المصري في الدنمارك، والمستشار بوزارة الخارجية السيد أحمد أبو المجد، والسيد أشرف رفعت، مسؤول البروتوكولات في السفارة المصرية.
الإسلام يرفض العنصرية ويدعو للمساواة
أكد الدكتور الجندي خلال خطبته أن الإسلام دين العدل والمساواة، وقد جاءت تعاليمه لترسخ مبدأ عدم التمييز بين البشر، حيث لا فرق بين الناس إلا بالتقوى والعمل الصالح.
وأوضح أن الأزهر الشريف ظل على مدار قرون قلعة لحماية هذه القيم، مستشهداً بجولات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب في مختلف دول العالم، والتي أكدت دائماً على مفاهيم التسامح، والتعايش المشترك، وقبول الآخر.
وأضاف أن ممارسة التمييز والتحيز بأي شكل يتنافى مع تعاليم الإسلام، الذي جعل التفاضل بين البشر قائمًا على التقوى فقط، وليس على اللون أو العرق أو الدين.
وشدد على أن الأزهر الشريف، بصفته المؤسسة الإسلامية الكبرى في العالم، يواصل رسالته في تعزيز هذه القيم ومحاربة أي أفكار هدامة تدعو للفرقة والتعصب.
القضية الفلسطينية.. قضية عادلة يجب أن يدافع عنها أحرار العالم
في سياق حديثه، سلط الجندي الضوء على القضية الفلسطينية، مؤكداً أنها قضية عادلة، وأصحابها هم أصحاب حق كامل، ومصيرها يجب أن يكون بيد الفلسطينيين أنفسهم، لا بيد أي قوة خارجية واعتبر أن أي محاولة لتهجير الفلسطينيين قسراً، أو إجبارهم على ترك وطنهم، تعد جريمة وحشية وانتهاكًا صارخًا للكرامة الإنسانية.
وشدد على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته في التصدي لهذه الانتهاكات، ودعا إلى التضامن مع الشعب الفلسطيني في مواجهة ما يتعرض له من ظلم، مؤكدًا أن الأزهر الشريف كان ولا يزال نصيرًا للحق الفلسطيني، وداعمًا لكل الجهود العادلة التي تضمن للفلسطينيين حقهم في أرضهم ومقدساتهم.
رسول الله وضع أسس الحضارة الإسلامية على التعايش والتسامح
أكد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أرسى قواعد الحضارة الإسلامية على مبدأ التعايش السلمي، وقبول الآخر، واحترام حقوق غير المسلمين، مشيرًا إلى أن هذه القيم ما زالت تشكل حجر الأساس للعلاقات بين المسلمين وغيرهم حتى اليوم.
وأضاف أن العالم في العصر الحديث في أمسّ الحاجة إلى ترسيخ هذه المبادئ، خاصة في ظل التحديات المتزايدة التي تعكر صفو العلاقات الإنسانية، وتدفع باتجاه التعصب والتطرف.
كما شدد على أن الإسلام يدعو إلى الحوار، ويحث على التعاون المشترك من أجل تحقيق السلام، مؤكدًا أن احترام الآخر، وعدم ازدراء معتقداته أو مقدساته، هو جزء أصيل من تعاليم الإسلام السمحة.
الحرية الدينية في الإسلام مكفولة للجميع
تطرق الجندي خلال خطبته إلى مفهوم الحرية الدينية في الإسلام، موضحًا أنها تقوم على ضمان حق الجميع في ممارسة شعائرهم دون اضطهاد أو إجبار واستشهد بقول الله تعالى: “لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ”، مؤكدًا أن الإسلام احترم معتقدات الآخرين، ومنحهم حرية العبادة، وجاءت تعاليمه لترسخ لمجتمع متسامح ومتعدد الثقافات.
وأوضح أن الفكر الإسلامي لا ينظر إلى الحرية الدينية بوصفها مسألة فردية فقط، بل باعتبارها مسؤولية اجتماعية، يجب أن تراعي مصالح الجميع، وتحافظ على التوازن بين الحقوق والواجبات.
فقه المسلمين في الغرب.. مرونة تضمن الاندماج دون التفريط في الهوية
سلط الجندي الضوء على ما أسماه بـ”فقه المسلمين في الغرب”، موضحًا أن الشريعة الإسلامية تتمتع بالمرونة التي تتيح للمسلمين العيش في المجتمعات الغربية دون التفريط في هويتهم الدينية.
وأكد أن الأزهر الشريف يراعي احتياجات المسلمين في الغرب، ويعمل على تقديم الفتاوى والأحكام التي تساعدهم على تحقيق التوازن بين متطلبات الاندماج في مجتمعاتهم الجديدة، والحفاظ على تعاليم الإسلام.
وشدد على أنه لا يوجد تعارض بين كون المسلم فردًا فاعلًا في مجتمعه الغربي، وبين التمسك بقيمه الدينية وأخلاقه الإسلامية، بل يمكن الجمع بين الأمرين بحكمة، ودون إخلال بالضوابط الشرعية.
كما أشار إلى أن الإسلام يدعو المسلمين إلى الإيجابية والمشاركة الفعالة في مجتمعاتهم، والمساهمة في بنائها وتطويرها بمختلف المجالات.
الإمام الأكبر.. امتداد لإرث الأزهر العريق في الدفاع عن الإسلام وقيمه
اختتم الجندي خطبته بالتأكيد على الدور الذي يقوم به فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، في الدفاع عن الإسلام وقيمه السمحة، مشيرًا إلى أن فضيلته يعد امتدادًا لإرث الأزهر العريق في دعم العدل، وتعزيز مبادئ التسامح، ورفض الظلم والاضطهاد.
وأكد أن الأزهر الشريف سيظل منارة للوسطية والاعتدال، وسندًا لكل القضايا العادلة، مشددًا على أن رسالته الإنسانية تتجاوز الحدود، وتمتد إلى كل مكان في العالم، لتعزز قيم التعايش السلمي، والتقارب بين الشعوب، وتحقيق العدل والمساواة بين البشر.