الرئيسيةعرب-وعالم

غزة في رمضان… هل ينفذ ترامب تهديدات الجحيم؟

مع دخول شهر رمضان، تواترت الأنباء المهددة لغزة، حتى وصلت حد إعلان الإعلام العبري أمس أن اجتماع رئيس وزراء الاحتلال “بنيامين نتنياهو” بالأجهزة الأمنية، يأتي لبحث استئناف الحرب على غزة، ليستيقظ العالم اليوم- الأحد- على قرار حكومة الاحتلال إغلاق جميع المعابر، ووقف إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع، معللة ذلك بعدم قبول حماس خطة مبعوث ترامب للشرق الأوسط “ستيف ويتكوف”.

وتوعد رئيس وزراء الاحتلال حماس بمزيد من الإجراءات مالم تقبل بخطة “ويتكوف”، وتطلق سراح الأسرى لديها. وذلك وسط خرق قواته في المناطق الحدودية لغزة اتفاق الهدنة عدة مرات اليوم، حيث استهدفت عدة مناطق في القطاع، من بينهما: بيت لاهيا، وبيت حانون وخانيونس ورفح، ما أدى لاستشهاد خمسة فلسطينيين. مطالبة نائب رئيس الكنيست بضرب مخازن الطعام الذي دخل غزة مع بداية الهدنة، “ليشعروا بأن أبواب الجحيم قد فتحت عليهم بالفعل”- حسب وصفه.

الأمر الذي لا يمكن عزله عن تصريح الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” الذي قال فيه: إن التعامل مع حماس فيما يتعلق بالأسرى متروك “لنتنياهو”، وأعاد الإشارة لتصريحه القديم بفتح أبواب الجحيم على غزة حين قال: “لا أعتقد أن حماس تستهزئ بي بخصوص التهديد”، وهو التهديد الذي مازال قادة الاحتلال يلوحون به، حيث طالب نائب رئيس الكنيست اليوم بضرب مخازن الطعام الذي دخل غزة مع بداية الهدنة، “ليشعروا بأن أبواب الجحيم قد فتحت عليهم بالفعل”- حسب وصفه.

التصريحات والتحركات المحشوة بأعلى درجات التهديد زادت حدتها بدخول شهر رمضان، ما يعيد للأذهان مشهد يوم السبت 30 ديسمبر 2006، لتنفيذ حكم الإعدام في الرئيس العراقي “صدام حسين”، عقب الغزو الأمريكي للعراق في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق “جورج بوش الابن”، ما أثار الأحاديث عن اليد الأمريكية العليا التي وقعت تنفيذ الإعدام في هذا اليوم شديد الخصوصية للمسلمين، حيث يبدو من التصريحات الأمريكية- الإسرائيلية، أن زعيما الحكومتين يرون في الشهر شديد الخصوصية للمسلمين فرصة سانحة لتنفيذ مخططاتهم، ليكون الأمر أمريكيا بأيادٍ إسرائيلية.

لبحث الأمر، عقدنا في اليوم (حلقة نقاشية افتراضية) بين عدد من الخبراء، لم يقابل أحدهم الآخر ولم يتحدث معه، بل تحدث جميعهم إلينا، فأجابوا على سؤال واحد: هل يتعمد “ترامب” إعدام غزة في رمضان؟

في البداية تحدث الدكتور “جمال فرويز”- استشاري الطب النفسى بالأكاديمية الطبية العسكرية– من تحليله النفسي لشخصية “ترامب من واقع أفعاله، فقال: “جورج بوش الابن في إعدامه لصدام حسين كان يرسل رسالة لجميع المسلمين، ومن هنا وارد جدا أن يحذوا ترامب حذوه ويفتح النار على غزة في رمضان، دون التفكير في أي عواقب، لأن حساباته لا ترى إلا مكسبه هو وخسائره هو، والطرف الآخر غير موجود فيها، ذلك أنه شخص لا يمكن التنبوء بأفعاله، فهو ينظر لغزة بنظرة متعالية، وبالتالي من منطلق قوته يفعل ما يحلو له”.

لكن الأستاذ “فارس فحماوي”- عضو الهيئة العامة لتنسيقيات المؤتمر الشعبي الفلسطيني– اختلف معه، إذ أن استئناف الحرب في رمضان كارثة على إسرائيل، فقال: “إعدام صدام حسين كان هدفه إلغاء فكرة الوحدة العربية، ومن ناحية أخرى بث الفرقة المذهبية بين السنة والشيعة لما ليوم عير الأضحى من قداسة عن أهل السنة، لكن الوضع مختلف في غزة، لأن فتح حرب جديدة فيها هو مجازفة كبيرة من إسرائيل والولايات المتحدة، لأنهم لو درسوا خصمهم فسيعرفون أن شهر رمضان هو شهر الجهاد عند المسلمين، وشهر الوحدة والانتصارات، فإقدامهم على ذلك سيكون مجازفه تصل حد الطامة عليهم، فمعركة “طوفان الأقصى لم تنته بعد، وإنما انتقلت لمرحلة حرب الوعي، التي يحاول الاحتلال وداعميه الفوز بها عبر التوجيه الإعلامي”.

وعلى الرغم من توافق رؤية الأستاذ “أسامة حمدي”- الباحث في الشؤون الإيرانية وقضايا الشرق الأوسط– مع رؤية “فحماوي” في جوانب عدة، اختلف معه في استحضار العوامل الخارجية المؤثرة على قرار الحرب، فقال: “في البداية فإن تهديد ترامب بفتح أبواب الجحيم على قطاع غزة حدث بالفعل من إسرائيل ولا يوجد جحيم أكثر مما فعلته طوال 470 يوما من العدوان المتواصل أسفر عن استشهاد وإصابة أكثر من 160 ألف فلسطيني، وإسقاط أطنان من القنابل التي تفوق قوتها قنبلة نووية وتفوق ما فعلته واشنطن في هيروشيما باليابان، بالإضافة إلى استخدام أسلحة محرمة، كالتي تحدثت عنها حركة حماس بأنها تبخر الأجساد، وذلك كله في ظل استخدام سلاح التجويع، وغياب المستلزمات العلاجية والدوائية وأدنى متطلبات الرعاية الصحية”.

وأضاف: “أما توقع سيناريو مشابه في أهل غزة لما حدث من إعدام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين في عيد الأضحى قبل عشرات السنوات، فلا أتوقع ذلك لأن الظروف والمعطيات مختلفة وبالتالي النتائج مختلفة، حيث أن صدام حسين لم يكن لديه ظهيرًا شعبيًا كبيرًا في العراق، كما يتصور البعض، بسبب سياساته القمعية، وإفراطه في تنفيذ أحكام الإعدام للمعارضين حتى بمسدسه الشخصي، ما سهل على الإعلام الغربي تهيئة الأجواء لإسقاط نظامه، وإعدامه في محاكمة افتقدت لأدنى درجات النزاهة، أما في حالة قطاع غزة وفي القلب منها المقاومة الفلسطينية، فليس الظروف مهيأة لذلك، حيث نرى دعما شعبيا غربيا للحق الفلسطيني، والتظاهرات التي ملأت الجامعات الأمريكية والأوروبية، وكذلك الشرعية الدولية المتمثلة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي اعترفت بعضوية دولة فلسطين ودعمت وقف العدوان، كما دعمت أعلى هيئة قضائية ممثلة في محكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية الحق الفلسطيني وأدانت الجرائم الإسرائيلية”.

وتابع: “كذلك النسيج الاجتماعي الفلسطيني إذ يتعاطف أهل الضفة الغربية والقدس مع قطاع غزة والمقاومة فيها، لاسيما بعد نجاحها في تحرير عدد كبير من الأسرى من السجون الإسرائيلية، ممن ينتمون لمدن الضفة والقدس، وليس فقط قطاع غزة، ما يزيد من شعبية وترابط المقاومة مع مختلف فئات الشعب الفلسطيني، وبالنظر لتمكن المقاومة بعد وقف إطلاق النار من ترتيب صفوفها وتجنيد آلاف الشباب الفلسطيني، وترميم بنيتها التحتية من الانفاق، ما يمكنها من مواصلة القتال بكفاءة حال تجدده”.

ولم ينته “حمدي” من حديثه، قبل أن يستعرض العوامل الخارجية التي تمنع تحقق هذا السيناريو، وقد تمثلت من وجهة نظره في “رد الفعل الإيراني حيث لن تسمح طهران بهزيمة حماس، أحد أذرعها القوية في المنطقة، التي يعني سقوطها القضاء السريع على محور المقاومة، ما يجعل الطريق مفتوحا أمام ضرب إيران نفسها، كذلك وقوع القواعد الأمريكية في مرمى أهداف إيران ومحور المقاومة عامل إخر مهم في الحسابات الأمريكية- الإسرائيلية؛ والقطب الثاني في معادلة القوى هو تركيا، التي يحكمها نظام إسلامي، هدد عدة مرات بإلحاق الأذى باسرائيل دبلوماسيا وقانونيا وحتى عسكريا معلنا تضامنها مع غزة؛ والقطب الثالث في المعادلة هم مصر والأردن والسعودية والجزائر، الذين لن يصمتوا بأي شكل على إبادة أهل غزة”.

وعلى نفس المنوال، سار رجال الصحافة والإعلام، فاتفق الأستاذ “أشرف أبو الهول”- الصحفي المتخصص في الشأن الفلسطيني ومدير تحرير جريدة الأهرام الذي عمل في غزة عدة سنوات– مع الرؤية النافية لاحتمالات استئناف الحرب في رمضان، مثلما رأى المذهبية هي ما تقف وراء مشهد إعدام الرئيس العراقي، فقال: “من غير المتوقع أن يطلب ترامب من إسرائيل استئناف العدوان على غزة، إنما هو يضغط ليحصل الاحتلال من حماس على أعلى قدر من التنازلات، إذ يهدف لإطلاق سراح جميع الرهائن لدى حماس، مثلما ينشد تخليها عن السلطة وتسليم سلاحها، لكنه بالأساس يرغب في حدوث ذلك عبر المفاوضات. كما أنه معروفا عن شخصية ترامب عدم تفضيله الحروب، حيث يفضل الضغط الاقتصادي والسياسي، وهذا ما يسعى إليه”.

وأضاف: “ويصعب مقارنة الحالتين، لأنه في حالة صدام حسين، الثابت أنه من ضغط لتنفيذ إعدامه هم أعداءه من قادة الشيعة، وهناك شهادات لحضور بعض قادة الشيعة عملية الإعدام، وأنهم مثلوا بجثته عقب إعدامه، أما في شأن استئناف الحرب في غزة، فلا أعتقد أنها ستتجدد في شهر رمضان المعظم أوالعيد، ذلك أن حماس لا ترغب في استئناف القتال في تلك الفترة، لينعم الناس بقدر من الهدوء خلال الشهر الفضيل، كما ترغب إسرائيل في استمرار المفاوضات لإطلاق سراح أكبر عدد من الأسرى لدى المقاومة، دون أن تقدم التزامات حقيقية خاصة بالأرض…”.

وتابع: ” ومن هنا ستعطل الانسحاب من محور فلادلفيا، بما يتسق مع رغبة نتنياهو في تمديد المرحلة الأولى، حتى لا تصل للمرحلة النهائية التي تعني الانسحاب الكامل من غزة، إلا إذا تخلت حماس عن السلطة وعن سلاحها، وهو ما يسانده الرئيس الأمريكي، وحتى الانتقال للمرحلة الثانية يسانده وفقا للشروط الإسرائيلية، حيث يخطط للحصول على نوبل للسلام برعايته لهذا الاتفاق، مع اتفاق وقف إطلاق النار في أوكرانيا”.

لكن أهل الإعلام والصحافة ممن عاشوا المأساة، كانوا محملين بما يدفعهم للاختلاف مع رؤى نفي الحرب، والاتفاق مع الرؤية النفسية لرجل لا يمكن الأنباء بتصرفاته، فقال “سلمان بشير”- الصحفي في تلفزيون فلسطين الذي عايش الحرب في القطاع حتى أغسطس الماضي: “ما هي أبواب الجحيم التي نخشى أن يفتحها ترامب على غزة؟ أولم تكن مفتوحة منذ 15 شهرا، مارس فيها الاحتلال القوة التدميرية بأعتى أنواع الأسلحة الأمريكية و الإسرائيلية  ضد مدنيين القطاع، دون أن يستطع العالم إلجام إسرائيل عن جرائمها…”

وعرج على تاريخ الإجرام الإسرائيلي، مضيفا: “منذ قديم الزمن و هذه الفكره السائده والرائدة لدى المجرمين مرتكبي هذه الجرائم، حيث قامت دولة الاحتلال عام 48 على الجريمة والقتل وعلى مذابح صبرا وشاتيلا وكفر قاسم، وأحرقت “جولدا مائير”- حين كانت رئيسة لمجلس وزراء الاحتلال- على إحراق منبر صلاح الدين في المسجد الاقصى، وقالت ليلتها: إنها لن تنام، خشية أن يتحرك العالم العربي والإسلامي مشيا على الأقدام ليمسح إسرائيل عن الخارطة، ولكن في النهاية لم يتحرك أحد، كذلك أطلق “باروخ جولدشتاين”- المستوطن المجرم القاتل- النار على المصلين في المسجد الإبراهيمي في شهر رمضان أيضا، ولم يكن هناك أي تدخل دولي أو عالمي  ضد هذه الجريمة، وما قام به الجيش الأمريكي من تدمير للعراق وأفغانستان وعدة بلاد بالعالم، وما أقدم عليه بوش الابن باعدام الرئيس العراقي صدام حسين، صبيحة عيد الأضحى أيضا، كان من ضمن الجرائم الاستفزازية، ولم نجد من يتحرك للرد على هذه الاجراءات الأمريكية”.

وانتقل لبيان مجازر الاحتلال في الأوقات المقدسة طوال فترة الحرب الأخيرة، فقال: “على مدار 15 شهرا، تعرض قطاع غزه للقتل والمجازر والمذابح، التي تنشر أولا بأول على وسائل الإعلام، دون أن نجد الحراك الكافي للجم دولة الاحتلال، ووقف هذه الجرائم المتسلسلة، فما يمكن أن نخشاه اليوم من فتح ترامب باب الجحيم على غزة؟ ألم يمر علينا رمضان الماضي وكانت الحرب مستعرة في غزة، دون تحرك لردع هذا الجنون و التعطش للقتل، الضحايا كانوا مئات الآلاف من القتلى والمصابين والجرحى، ولم يكن هناك تأثير يتجاوز المشاعر الجياشة  لتحركات الشعوب في معظم دول العالم، في مظاهرات أكدت رفضها لهذا القتل الأمريكي- الإسرائيلي”.

وتابع: “وعلى الرغم من ذلك على الصعيد العملي لم تتوقف الحرب، فبكل أسف هم فوق القانون، وهم من يصنعون القانون لغيرهم دون أن يسري عليهم، و لعل ما نراه تباعا من فيتو أمريكي لصالح إسرائيل أكبر دليل على ذلك، و ما تتعرض له المحكمة الجنائية الدولية من إرهاب أمريكي، لا يتيح لها حتى فرصة انتقاد إسرائيل هو دليل آخر على ذلك أيضا”.

وخلص إلى النتيجة التي اتفقت تماما مع رؤية “فرويز”، فقال: “سيقدم ترامب على إفراط القوة لدولة الاحتلال تجاه قطاع غزة كي تدمره، وستفعل هي ما فتحت لها أبوابه فتدمر، ولن يكون رمضان الأول ولن يكون رمضان الأخير في ظل صمت المجتمع الدولي، وعدم القدرة على إلجام دولة الاحتلال عن هذه الجرائم، ولن تقف هذه الجريمة، إلا إذا تم تفعيل القانون الدولي، وتمت محاكمة مجرموا الحرب، أما غير ذلك، فطالما بقيت دولة الاحتلال فوق القانون، فستفعل ما تشاء، وستدمر كما تشاء.

واتفق الأستاذ “عبد الرحمن العبادلة”- الصحفي الفلسطيني الذي يعيش في مواصي خانيونس جنوب غزة– مع “بشير” في رؤيته، غير أنه جنح للحديث من واقع المأساة، فقال: “انتهت المرحلة الأولى ما بين المقاومة الفلسطينية بالتفاوض مع الاحتلال الإسرائيلي، وفي أوائل أيام شهر رمضان المبارك يماطل الاحتلال الإسرائيلي في البدء بتطبيق اتفاق، أو الحديث عن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، وفك الحصار ودخول الآليات والمعدات الثقيلة، لرفع ركام المنازل التي دمرها في القطاع، وبالمثل الأمر مع إدخال المساعدات أيضاً، كما نرى التصعيد والمماطلة في لبنان وسوريا، ومن هنا من المتوقع جدا أن يأتي الدور على غزة، وهو الموضوع الأهم والأكثر جدية”.

وأضاف: “ولا يخفى على أحد إرهاب الإدارات الأمريكية المتعاقبة وإجرامها، على طول تاريخها مع المسلمين، فمن أجل إيذاء مشاعر المسلمين، أعدم الرئيس العراقي صدام حسين صبيحة يوم العيد، دون إحترام أو اعتبار لأعياد المسلمين أو قدسيتها، لذلك من الوارد أن يشن الإحتلال الإسرائيلي الحرب على قطاع غزة في رمضان، تحت دعم و غطاء المجرم ترامب، لاسيما وذلك هو سبيل المجرم نتنياهو للتهرب من محاكمته أو إسقاطه بالانتخابات الإسرائيلية”.

وبالطبع لا يمكن أن ينته النقاش حول سيناريو إعدام غزة بقرار أمريكي، دون استحضار رؤية القانون الدولي الغائب عن التطبيق- في رؤية البعض- وقد تكفل بعرضها دكتور “مجيد بودن”- المحامي المختص بالقانون الدولي ورئيس جمعية المحامين العرب في باريس– دون أن يرجح أو ينفي احتمال استئناف الحرب، فقال: “العلاقات الدولية تدار في العالم، إما على أساس استخدام القوة كما كان يحدث قبل الحرب العالمية الثانية، أو على أساس احترام القانون الدولي، والعامل الثاني يحتم احترام المشاعر الدينية والوطنية والمجتمعية للشعوب، ومن هنا يتحتم تفادي شن حرب أو استخدام العنف في أيام مقدسة مثل الأعياد، بغض النظر عن الديانات”.

واستطرد: “لكن الحال في فلسطين، لاسيما في غزة، لايطبق فيه القانون الدولي، إنما يخضع لميزان القوى، وهو ميزان مختل لصالح إسرائيل، والشعب الفلسطيني لا يجد من يسانده ويدافع عنه بشكل ثابت ونهائي، وميزان القوى ذلك هو ما سيحدد شكل المرحلة القادمة، حيث يضع في حساباته مسألة إطلاق الأسرى لدى الطرفين، وإن كان القانون الدولي يحتم التعجيل بتنفيذ الاتفاق، يظل حسم الأمر بيد القوى السياسية، وتلك القوى هي من تحدد ما إذا كانت ستحتكم للقانون الدولي، أم يتنحى جانبا لتبقى الأمور رهنا لفرض الأمر الواقع بالقوة”.

وتابع: “وعلى الساحة الدولية هناك من يقف مع الفلسطينيين في القدس والضفة وغزة لاسيما بين الدول الأوروبية، كما أن هناك تلاقي بين مايحدث في أوكرانيا وما يحدث في غزة، وثمة وعي بضرورة الاحتكام للقانون الدولي باعتباره الأساس، وبناء عليه يمكن الابتعاد عن شبح حدوث مجزرة جديدة في غزة في المستقبل المنظور، ويجب إعادة النظر في هيكل ميزان القوى، ليتسع للكتلة التي تعتمد القانون الدولي كأساس لحل هذا النزاع”.

وكانت خاتمة النقاش بيد الدكتور “ربحي حلوم-  السياسي والمناضل الفلسطيني، والسفير الأسبق لفلسطين في تركيا، والعضو السابق بالمجلس الثوري لحركة فتح وأحد مؤسسيها القدامى– الذي فضل توصيف أصل الداء لعل منه نجد الدواء، فقال: “المشكلة ليست في أعدائنا، لأن أعدائنا هم أعدائنا، ترامب هو الذي يحتضن أعدائنا، وهو ربيب الصهيونية وحبيبها، ولا فرق بين الإدارة الأمريكية وكل مؤسساتها العميقة وبين الصهاينة، وجميعهم أعداء للأمة العربية والإسلامية، ومن هنا علينا أن ندرك تلك الحقيقة، ماذا نتوقع من ترامب؟”

وبكل الأسف خلص لتوصيف ما يجري “بالمأساة”، فقال: “المأساة ليست في عدونا، إنما في وضعنا المريب، الهوان العربي المقيت الذي تمر به الأمة العربية، لابد لنا من صحوة عربية تحافظ على مصير الأمة ومستقبل أجيالها”.

وبنهاية النقاش لم يتفق جميع الأطراف على رؤية واحدة، توكد أو تنفي استئناف الحرب، لكن جميع المشاركين فيه اتفقوا على حضور عامل القوة، ليكون العامل الأكثر فاعلية في الصراع، بما يؤكد رؤية الطب النفسي ممثلة في رؤية “فرويز”: بأن “ترامب من منطق القوة يفعل ما يحلو له”.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى