ضربات أمريكية على الحوثيين في اليمن.. تصعيد عسكري يهدد استقرار المنطقة

شهدت مدينة الحديدة الساحلية في اليمن غارات جوية أمريكية صباح يوم الاثنين، وذلك في إطار حملة عسكرية مستمرة ضد جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران. وجاءت هذه الغارات بأمر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أكد أنه غير قلق بشأن أي هجمات انتقامية قد تنفذها الجماعة.
تفاصيل الغارات
أفادت وسائل الإعلام الحوثية بوقوع غارتين جويتين في منطقة الحديدة التي تبعد 230 كيلومتراً عن العاصمة صنعاء. وقد صرحت القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) بأن الولايات المتحدة ستواصل عملياتها العسكرية ضد الحوثيين، مشيرة إلى أنها تستهدف قواعد ومواقع دفاع صاروخي تابعة للجماعة.
وكانت هذه الغارات جزءاً من حملة أوسع شنتها القوات الأمريكية ضد مواقع الحوثيين في عدة محافظات يمنية، بما في ذلك صنعاء وصعدة، التي تعتبر معقلاً رئيسياً للجماعة. ووفقاً لمسؤولين أمريكيين، فإن الضربات استهدفت منشآت تستخدم لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة، والتي تشكل تهديداً للملاحة البحرية في البحر الأحمر.
تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
أعرب الرئيس ترامب عن عدم اكتراثه بتهديدات الحوثيين، مؤكداً أن هذه العمليات تهدف إلى حماية الملاحة البحرية واستعادة حرية الحركة في المنطقة. كما نشر على منصته للتواصل الاجتماعي “تروث سوشل” تحذيراً شديد اللهجة للحوثيين، قائلاً: “انتهى وقتكم، ويجب أن تتوقف هجماتكم فوراً، وإلا سينهمر عليكم الجحيم مثلما لم تروا من قبل!”.
وأكد ترامب أيضاً أن الولايات المتحدة لن تتراجع عن استخدام القوة لحماية مصالحها وحلفائها في المنطقة، محذراً إيران من التدخل في الأزمة بشكل أكبر، حيث أشار إلى أن “أي دعم إضافي للحوثيين سيقابل برد حاسم من واشنطن”.
ردود الفعل الدولية
إيران: ردت طهران عبر وزير خارجيتها عباس عراقجي، مؤكدة أن الولايات المتحدة “ليس لها الحق في إملاء” سياستها الخارجية. كما حذر قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي من أن طهران ستردّ على أي اعتداء.
الأمم المتحدة: دعت إلى وقف الهجمات المتبادلة بين الولايات المتحدة والحوثيين، محذرة من تفاقم التوترات الإقليمية.
مستشار الأمن القومي الأمريكي مايكل والتز: أكد أن الضربات قتلت العديد من قادة الحوثيين، محذراً إيران من استمرار دعمها لهم.
وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث: تعهد بشن حملة “لا هوادة فيها” حتى تتوقف الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر.
الحوثيون: أعلنوا مسؤوليتهم عن هجومين على حاملة طائرات أمريكية في البحر الأحمر، مؤكدين أنهم سيستهدفون السفن التجارية الأمريكية رداً على الضربات.
الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً: رحبت بالضربات الأمريكية، معتبرة أنها خطوة مهمة نحو كبح التصعيد الحوثي وحماية الأمن البحري في المنطقة.
المملكة المتحدة: أيدت العمليات العسكرية الأمريكية، مؤكدة أنها ضرورية لحماية التجارة الدولية.
التحالف العربي بقيادة السعودية: أشاد بالضربات واعتبرها تدخلاً مشروعاً لحماية الممرات البحرية.
تأثير الغارات على الوضع الإقليمي
منذ بدء الصراع في غزة في أكتوبر 2023، كثف الحوثيون هجماتهم على السفن الإسرائيلية والدولية، ما أدى إلى ردود فعل عسكرية متواصلة من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا. وكان الحوثيون قد أوقفوا هجماتهم بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في يناير 2025، إلا أنهم حذروا مؤخراً من استئنافها إذا لم يتم السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وبالتزامن مع ذلك، ازدادت المخاوف الدولية بشأن احتمال تصعيد أوسع في المنطقة، حيث تعتقد بعض الجهات أن إيران قد تقدم دعماً عسكرياً إضافياً للحوثيين، مما قد يؤدي إلى صراع إقليمي يمتد إلى مناطق أوسع، بما في ذلك مضيق هرمز والخليج العربي. كما أن التدخل الأمريكي المتزايد قد يؤدي إلى توترات أكبر مع روسيا والصين، اللتين تراقبان الوضع عن كثب.
التداعيات الاقتصادية
أثرت هذه الغارات على أسواق النفط العالمية، حيث شهدت الأسعار ارتفاعاً طفيفاً بسبب المخاوف من تصعيد جديد في المنطقة. كما أن استمرار الهجمات الحوثية على الملاحة البحرية قد يؤثر على حركة التجارة العالمية، مما ينعكس سلباً على الاقتصاد الدولي.
وفي النهاية يبدو أن الحملة العسكرية الأمريكية على الحوثيين مرشحة للاستمرار، في ظل التأكيدات الرسمية بعدم التراجع عن استهداف مواقع الجماعة. ومع استمرار التوترات في المنطقة، يظل الوضع الأمني في البحر الأحمر واليمن نقطة محورية في السياسة الدولية، حيث تسعى القوى الإقليمية والدولية إلى تحقيق توازن بين الردع العسكري والحل السياسي للنزاع القائم. كما أن المخاوف من تصعيد إقليمي أوسع تضع المنطقة أمام مستقبل غامض، قد تتحدد ملامحه بناءً على التحركات الدبلوماسية والميدانية خلال الأسابيع المقبلة.