
في أعقاب الهجوم الدموي الذي شهدته بلدة “بيهالغام”، الواقعة في الجزء الجنوبي من إقليم جامو وكشمير الخاضع للإدارة الهندية، ارتفعت حدة التوتر مجددًا بين الجارتين النوويتين الهند وباكستان.
وأسفر الهجوم، الذي استهدف موقعاً سياحياً شهيراً في المنطقة الجبلية المعروفة بجمالها الطبيعي، عن مقتل 26 شخصاً، معظمهم من الزوار الهندوس، فيما وصفته السلطات بأنه أحد أعنف الهجمات التي شهدها الإقليم في السنوات الأخيرة.
وعلى إثر الحادث، وجّهت الحكومة الهندية اتهامات لباكستان، مشيرة إلى دعم محتمل لجماعات مسلحة تنشط في كشمير، وهو ما تنفيه إسلام أباد بشدة.
ما بعد بيهالغام
وقالت مصادر أمنية هندية إن منظمة تُدعى “مقاومة كشمير” قد تكون تقف وراء الهجوم، دون أن يصدر أي تأكيد مستقل حتى اللحظة.
وفي تطور متسارع، طالبت نيودلهي المواطنين الباكستانيين بمغادرة أراضيها خلال أيام، وأعلنت تعليق معاهدة نهر السند التاريخية، وطردت مستشارين عسكريين ودبلوماسيين باكستانيين.
وردّت إسلام أباد بتحذير شديد اللهجة، معتبرة أن أي محاولة هندية للمساس بسيادتها أو بنهر السند ستُعتبر “عملاً حربياً”.
الطلاب الكشميريون في خطر
وبينما تتبادل الحكومتان التصريحات والاتهامات، يتصاعد العنف الطائفي داخل الهند، لا سيما ضد الطلاب الكشميريين في ولايات مثل البنجاب وبيهار.
وفي هذا السياق، كشف الدكتور جسيم الدين، مترجم حكومي في ولاية بيهار، عن معلومات مقلقة قائلاً في تصريحات خاصة لـ“اليوم“: “بعد الهجوم الإرهابي، تزايدت أعمال العنف الطائفي في أنحاء مختلفة من الهند، والطلاب الكشميريون يتعرضون للإساءة، ويُرفض نقلهم إلى المطار، ويُستهدفون من قبل متشددين من الطائفة الهندوسية”.
ونقل جسيم الدين عن طالبة من كشمير تدرس في كلية تشانديغار بولاية البنجاب، استغاثتها المؤثرة، قائلة: “نحن طلاب كشميريون موجودون حالياً في تشانديغار، ونتعرض للكثير من المضايقات والترويع، والسكان المحليون يوجهون إلينا الإهانات، ويقولون لنا كلمات بذيئة لا نستطيع حتى أن نعبّر عنها، منذ البارحة ونحن جوعى لأننا لا نستطيع الخروج من المنزل، وكل ما نريده هو العودة إلى بيوتنا بأمان”.
وأثارت هذه الشهادات موجة تضامن على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط دعوات للسلطات الهندية بتأمين الطلاب الكشميريين وضمان سلامتهم.
تصاعد التوتر بين الهند وباكستان
من جانبه، صرّح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، خلال تجمع انتخابي في مديرية مادهوبني بولاية بيهار، قائلاً: “الهند ستؤدي مسؤوليتها ضد الإرهابيين الذين استهدفوا الأبرياء في بيهالغام، وسينالون العقاب فوق تصورهم”.
وتعود جذور التوتر بين البلدين إلى عقود من النزاع حول كشمير، الإقليم ذو الغالبية المسلمة، والذي يطالب كل من الهند وباكستان بالسيادة الكاملة عليه، رغم سيطرة كل طرف على جزء منه.
وقد شهدت العلاقات بين البلدين عدة حروب، كان آخرها في التسعينيات، فيما لا يزال الإقليم واحداً من أكثر المناطق عسكرة في العالم.
ويُعد الهجوم الأخير اختبارًا جديدًا لقدرة البلدين على تجنّب الانزلاق إلى مواجهة عسكرية مفتوحة، وسط مخاوف دولية من أن يتحول التصعيد الحالي إلى أزمة إقليمية ذات تداعيات خطيرة.
اقرأ أيضًا:: مفكر هندي: التوترات مع باكستان تهدد التنسيق النووي وقد تعيد تدويل قضية كشمير (حوار)