مقالات

جوهر الجمل يكتب: مصر تسبق بخطوة.. الـDress Code قرار فني قبل أن يكون شكليًا

في خطوة بدت للكثيرين مفاجئة، أعلن مهرجان كان السينمائي الدولي عن قواعد جديدة صارمة تتعلق بالـDress Code على السجادة الحمراء، تمنع الظهور بـ”العُري الكامل” وتُقيد ارتداء الفساتين ذات الذيول الطويلة التي تعرقل الحركة، وبينما التزمت النجمات العالميات بالقرار دون اعتراض، تصدّرت النجمة هالي بيري المشهد بتغيير فستانها في اللحظات الأخيرة احترامًا لقرارات المهرجان، رغم كونها عضوة بلجنة التحكيم.

المفارقة أن هذا القرار أعاد إلى الأذهان ما فعله الفنان حسين فهمي قبل سنوات، حين طالب نجمات مهرجان القاهرة السينمائي بالالتزام بذوق راقٍ على السجادة الحمراء، وهو ما أثار موجة جدل واسعة وقتها واتهامات بالمبالغة، بينما القرار نفسه يُطبّق اليوم في “كان” بكل احترام وبدون اعتراض.

وهنا يأتي السؤال.. لماذا هذا القرار الآن؟

إدارة مهرجان كان أوضحت أن الهدف الأساسي ليس فرض نمط معين من الملابس أو تقييد حرية التعبير، بل الحفاظ على رونق المهرجان وفاعليته التنظيمية والفنية، فالمشهد على السجادة الحمراء لم يعد مجرد مساحة للاستعراض، بل أصبح منصة إعلامية تنعكس منها صورة المهرجان للعالم.

من هنا، رأت الإدارة أن بعض الإطلالات الجريئة بدأت تطغى على الهدف الفني والسينمائي للحدث، وأصبحت تستدعي تركيزًا إعلاميًا غير مبرر، يُغيب الجوهر لحساب القشرة.

من القاهرة إلى كان.. “الفكرة التي سبقت وقتها”

في الواقع، ما فعله الفنان حسين فهمي حينها لم يكن محاولة للوصاية أو كبح حرية الفنانين، بل قراءة مبكرة لدور الفنان كنموذج ثقافي يجب أن يحترم سياق الفعالية التي يشارك بها، حين طالب بالالتزام بالـDress Code، كان يُدرك أن مهرجانًا يحمل اسم “القاهرة السينمائي” يجب أن يعكس قيمة ثقافية لا صورة سطحية.

لكن الردود التي قوبل بها القرار وقتها في مصر كانت متفاوتة، بين من رأى فيه انحيازًا للتقاليد، ومن اتهمه بمحاولة فرض الوصاية، واليوم بعد أن طبّق “كان” القرار نفسه، أصبح من الواضح أن الموضوع أكبر من كونه مجرد “شكل”، بل هو رسالة أخلاقية وفنية.

الفن لا يعيش في فوضى

مهرجانات السينما ليست مجرد عروض أفلام، بل ساحات ثقافية راقية تُقاس فيها قوة الدول الناعمة والنجوم، سواء في مصر أو في أي بلد عربي، يتحملون مسئولية تقديم نموذج يعكس وعيًا وذوقًا وحضورًا راقيًا.

الظهور بملابس مبتذلة لا يؤثر فقط على صورة الفنان، بل على صورة الفن العربي ككل، ويقلل من فرص اندماجه في الفعاليات العالمية التي باتت تنتقي رموزها بدقة شديدة.

وهنا يأتي السؤال الثاني..  هل يُغيّر “كان” قواعد اللعبة عربياً؟

بعد التزام نجوم عالميين بقواعد “كان” دون جدل، تتجه الأنظار الآن إلى المهرجانات العربية القادمة. هل سيصبح الالتزام بالذوق العام قاعدة ذهبية؟ وهل سيتخلى النجوم العرب عن فكرة أن “الفساتين الجريئة” هي وسيلة لجذب الانتباه الإعلامي؟

ربما تكون هذه فرصة لإعادة تقييم الأولويات، والعودة إلى فكرة أن النجاح الحقيقي للفنان لا يُقاس بطول ذيل الفستان، بل بقيمة ما يقدمه على الشاشة، وعلى السجادة الحمراء معًا.

ما حدث في كان لم يكن قرارًا تنظيميًا فحسب، بل إشارة ثقافية عميقة إلى أن الفن لا يعيش في فوضى الشكل، وأن الالتزام لا يعني الرجعية، بل احترام الذات والحدث والمكان.

وحان الوقت أن نعيد النظر في مظهر نجومنا العرب على السجادة الحمراء، وأن ندرك أن احترام القواعد لا يقل أهمية عن احترام الكاميرا… أو الجمهور.

وختاماً سؤال يطرح نفسه.. هل ينصاع نجوم العرب لهذا القرار في المهرجانات والفاعليات القادمة، أم أنهم سيتمسكون بما يجذب ويلفت الإنتباه والكاميرات إليهم؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights