الرئيسيةعرب-وعالم

اتفاق الهند وباكستان… وقفا للحرب أم تهدئة مؤقتة؟

الهند وباكستان… صراع يرفض كلمة النهاية 5

تقرير: مروة محي الدين

في العاشر من مايو الجاري، أعلن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان، عقب تصعيد عسكري محدود، قرأ فيه بعض المحللين خشية الجميع الانخراط في حرب شاملة، ليعود الطرفان بعد ساعات قليلة من الإعلان لاشتباك حدودي بسيط، اتهمت فيه الهند جارتها بخرق الاتفاق، قبل أن يتم تدارك الأمر ونفي الاتهام.

الاتفاق السريع على وقف إطلاق النار، قبل اتساع رقعة الصراع، وقفت وراءه عوامل حاسمة أجملها اللواء أ.ح “محمد رشاد”- الخبير الإستراتيجي والوكيل الأسبق لجهاز المخابرات العامة- في تصريحات خاصة لـ”اليوم”، فقال: “باكستان والهند دولتان نوويتان، وبالطبع يمنع وجود القوة النووية اتساع رقعة الصراع، فالقوة النووية هي عامل الحسم الأول في ذلك، والتوازن النووي دائما يحجم الاشتباكات العسكرية، ومن هنا يكون ما حدث مجرد مناوشات سببها كشمير، سرعان ما تم تداركها باتصالات مباشرة بين الطرفين، ذلك أن اتساع دائرة الحرب يكون فيها خطورة شديدة على الدولتين وعلى المنطقة كلها، خشية اللجوء لاستخدام الأسلحة النووية حال توسع الصراع، وما يحمله ذلك من آثار مدمرة”.

أين كشمير والسند؟

أكدت إسلام أباد التزامها الدقيق بالاتفاق، وعملها مع الولايات المتحدة لتعزيز السلام، متهمة الهند بارتكاب انتهاكات في بعض المناطق، تقابلها قواتها بالمسؤولية وضبط النفس، وحضت على ضرورة علاج أي مشكلات تعوق تنفيذ الاتفاق بالطرق الدبلوماسية الملائمة، كما طالبت بتسوية نزاعي جامو وكشمير، عبر حق تقرير أهالي تلك الأقاليم لمصيرهم، بما يضمن عدالة التسوية وديمومتها.

وعلى الجانب الآخر، أعلن مسؤولون هنود أن الاتفاق أتى بدون شروط، ولم يشمل اتفاقية نهر السند التي بقيت معلقة، وكشفت وسائل إعلام غربية: أن إعلان الرئيس الأمريكي عن الاتفاق كان مفاجئة أثارت غصب مسؤولين هنود، حيث أكدوا أن رئيس الوزراء الهندي “ناريندرا مودي” لم يعلن التزامه بخفض التصعيد، بل أعلن نيته الرد بقوة حال صعدت باكستان، معتبرين الإعلان انتصارا دبلوماسيا للخصم، وعبر مسؤولون آخرون عن غضبهم من الإعلان عن مفاوضات أخرى بين البلدين حول القضايا الخلافية في مكان محايد.

وقد علق اللواء “رشاد” على ذلك، فقال: “إقليم كشمير هو أمر سيظل معلقا، وستبقى معه الدولتان على صفيح ساخن، فهو لم يطرأ اليوم، بل مشكلة معلقة منذ زمن ولم يتم الاتفاق بشأنها، وعليه تبقى كشمير مصدر توتر بينهما، ونرى فيها بصمة الاستعمار بأن يترك في كل منطقة بؤرة نزاع تبقيها على صفيح ساخن، يسمح له بالتدخل من آن لآخر”.

لم يرى اللواء “رشاد” في تصريحات البلدين ذات النبرة العدائية، أكثر من مناوشات إعلامية مرسلة للرأي الام، ليس لها موقعا في حيّز التنفيذ، مضيفًا: “على الرغم من المشكلات المعلقة مثل كشمير ونهر السند، نجد كلتا الدولتين مضطرتين لعدم الدخول في صراع طويل موسع مع الأخرى، بسبب التوازن النووي بينهما”.

الضمانة الأمريكية

أعلن كلا الطرفان أن الآخر هو من طلب التسوية، كما أعلن مسؤولون هنود أن الاتفاق أتى بدون شروط، ودعت باكستان الأطراف الدولية لضمان عدم خرق الهند للاتفاق، ثم لم تفصح إدارة “ترامب” عن تفاصيل مراقبة الاتفاق، فكان التساؤل: أين الوجود الأمريكي المعلن في تلك المعادلة؟

أجاب اللواء “رشاد” عن ذلك، فقال: “الضمانة الأمريكية ليست إلا دعاية، إذ أن الاتفاق بدأ باتصالات بين الدولتين طرفي النزاع، ثم قفزت الولايات المتحدة عليه في نهايته للظهور بمظهر راعي اتفاق السلام، إنما التحرك الأصلي ونية حصر الصراع وإنهائه كانت من أصحاب الصراع، قبل الاتصالات الأمريكية والتصريحات التي خرجت عن إدارتها”.

كذلك أعلن كلا الطرفين خسائر الآخر مرتبطا باستعراض قوته، بشكل يعزز وجود الشرر تحت الرماد، حيث أعلن الجيش الباكستاني من جهته انتهاء ما أسماه عملية “البنيان المرصوص”، التي كانت ردا على عملية “السندور” التي شنتها الهند، وتحدث عن استهداف مواقع هندية عسكرية بلغ عددها 26 موقعا، واستخدام أنواع صواريخ متعددة قصيرة المدى، ونفى أسر طيارين هنود.

وفي المقابل، أكد الجيش الهندي عودة جميع طياريه إلى أرضه، وتحدث عن قتل من 35 إلى 40 عسكريا باكستانيا، معللا خسائر سلاحه الجوي بأنها جزء من المعارك، مشيدا بردودهم على خصمهم التي كانت محسوبة، وعلى الرغم من تأكيد قائد البحرية الهندية صدور أوامر لجميع الأسلحة بمراعاة الاتفاق، تحدث عن استعدادهم للرد الحاسم على أي تصعيد مستقبلي، ما يطرح التساؤل عن استمرارية الاتفاق.

هل يستمر الاتفاق؟

الاتفاق الذي تم خرقه بعد ساعات من تنفيذه، وسط تحفز جلي من كل طرف في تصريحاته الرسمية، توقع اللواء “رشاد” استمراره لفترة طويلة، وقال عما حدث من خرق له: “تلك أمور طبيعية ليس هناك اشتباك يتوقف فجأة بشكل نهائي، لأنه في مثل تلك الاتفاقات تكون هناك عناصر لديها بعض الحماس، فتصدر عنها بعض المناوشات، لكن سرعان ما يتم السيطرة عليها وتدارك الأمور”.

وأضاف: “سيدوم الاتفاق، فكلتا الدولتين تعرف أبعادها، وكلتاهما منيت بخسائر خلال المواجهة، ومن هنا ستحكم كلا منهما العقل قبل الانجراف إلى صراع آخر، والاستثناء الوحيد لذا أن تشتعل المواجهات مرة أخرى في إقليم كشمير، وهو أمر خارج سيطرة الدولتين، حيث العناصر الموجودة في الإقليم غير واقعة تحت سيطرة الدولتين، ومن ثم قد ينفذ أحد من تلك العناصر عملية خارج إطار الاتفاق، تؤدي إلى خرقه والعودة للتصعيد”.

لتبقى معادلة التوازن في النهاية كما وصفها اللواء “رشاد”، في قوله: “التوازن النووي كلمة السر التي تحقق الاستقرار في أي منطقة، بغض النظر عن الاشتباكات المحدودة بين الدول”، فالتوازن النووي في الاتفاق الهندي- الباكستاني هو رمانة ميزانه، الضامنة لبقاء السلام خيارهما الاستراتيجي…

إقرأ أيضًا:

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights