
تقرير حسني شومان
في الوقت الذي لا تزال فيه الشعوب تناقش أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، كانت الجيوش، وفي مقدمتها الجيش الإسرائيلي، قد تجاوزت هذا الجدل النظري إلى تطبيقات ميدانية مباشرة. فالحرب التي تُدار الآن بين إسرائيل وإيران سواء في الميدان أو في الظل تكشف بوضوح أن ساحة المعركة لم تعد فقط للجنود، بل للوغاريتمات والبرمجيات والأنظمة الذاتية القاتلة.
أدوات القتل الذكية: كيف تعمل
أكد الدكتور وائل بدوي استاذ الذكاء الاصطناعي بالجامعة الروسية بالقاهرة
وفقًا لمصادر استخباراتية وتقارير غربية، فإن الطائرات المسيّرة الإسرائيلية لم تعد تعتمد على نظم توجيه تقليدية، بل باتت مزودة بوحدات ذكاء اصطناعي قادرة على
• تحليل بيانات بيومترية تم جمعها مسبقًا صوت، وجه، حركة
• مطابقة الشخصية المستهدفة فورًا باستخدام تقنيات تعرّف آنية.
• تحديد اللحظة الأنسب للهجوم تلقائيًا دون إذن مباشر من المشغّل البشري.
• توجيه الصاروخ ذاتيًا حتى إصابة الهدف، مهما تحرّك أو حاول التخفي.
واضاف لم يعد هناك حاجة إلى عملاء بشريين قرب الهدف، ولم يعد عنصر الوقت عائقًا. لقد تحوّل القتل إلى مهمة “خوارزمية”.
ضربة في العمق الإيراني: أبعاد ومعاني
واكد ان التقارير تقول أن ما لا يقل عن عشرين من كبار القادة العسكريين في الحرس الثوري الإيراني قد تم استهدافهم واغتيالهم خلال الأشهر الماضية
باستخدام هذه المنظومة، ما يُعد ضربة استراتيجية قاصمة لمنظومة القيادة الإيرانية.
واضاف بدوي من أبرز الآثار المتوقعة
• شلل نسبي في شبكات القرار العسكري الإيرانية.
• اختراق أمني غير مسبوق يُظهر هشاشة التأمين الداخلي.
• ارتباك في التكتيكات الإيرانية المعروفة بالمركزية والانضباط الصارم.
• إرباك للردع المتبادل التقليدي بين إيران وإسرائيل، إذ أن السلاح هنا لم يُطلق من منصّة معروفة، بل من “عقل رقمي قاتل”.
الذكاء الاصطناعي والاغتيال: من يملك الزناد؟
وأكد الدكتور وائل بدوي ما نواجهه اليوم هو ليس فقط تطورًا في أدوات الحرب،
بل تغيرت فلسفة الحرب ذاتها. فالسؤال لم يعد فقط: من يستحق القتل؟ بل: من يملك حق برمجة القتل؟
وإذا أصبحت الخوارزميات هي من يقرر، ويستهدف، وينفّذ، فإن هذا يفتح الباب أمام:
• غياب المسؤولية القانونية عن نتائج الضربات.
• انتشار الاغتيالات الصامتة عبر الحدود دون بصمة بشرية.
• سباق تسلّح رقمي عالمي حيث يسعى كل طرف لتطوير “قاتله الآلي الخاص”.
مستقبل الردع في ظل الذكاء الاصطناعي: هل انتهت الحصانة؟
وأضاف بدوي في السابق، كان الردع يقوم على التهديد المتبادل، والصواريخ الاستراتيجية، وقواعد اللعبة المعروفة.
أما اليوم، فإن الذكاء الاصطناعي يتيح اغتيالًا دقيقًا وصامتًا و”نظيفًا” إعلاميًا، مما يجعل الردّ على هذه الضربات أمرًا شديد التعقيد.
لم يعد هناك قواعد اشتباك محددة… بل خوارزميات تحكمها أهداف مبرمجة، وبيانات بيومترية مسروقة، وطائرات لا يعرف أحد من أين أتت.
اغتيال الذكاء أم اغتيال الضمير؟
واضاف نحن أمام حقبة لا يُدار فيها الصراع فقط بالبارود، بل بـ”الكود”، حيث تصبح كل نقطة بيانات عن الأفراد رصاصة مؤجلة، وكل كاميرا مراقبة عين قنّاص رقمي.
ويبقى السؤال الأخلاقي والسياسي المعلّق
هل ما يحدث هو قفزة تكنولوجية تخدم الأمن؟ أم انهيار أخلاقي يُعيد تعريف معنى الإنسانية في ساحات المعارك؟