«يا دون يا دون الدون».. حكاية عبارة ميمي شكيب التي ربطت بالاقتصاد

كتبت- مرثا مرجان
في زمن التريند وشراء النجاح للأعمال الفنية، عبر صفحات الدعم المدفوعة في مواقع التواصل والتي يتم إنشاءها باسم الأعمال الفنية لتحقيق تصدر قد يكون مزيف في كثير من الأحيان، يبقى الفن الأصيل يثير التساؤلات ويدعوا العقل للتفكير.
ولأن «في جوهر كل شيء وجهان يتعايش النور والظلام، والخير والشر، كوجهي عملة لا يفترقان» سمحت مواقع التواصل بأن تُعاد قراءة المشاهد من أعمال فنية خالدة بشكل جديد، منها عبارة قديمة اشتهرت بها الفنانة القديرة ميمي شكيب في أحد مشاهدها الشهيرة من فيلم بين القصرين «يا راجل يا دون.. يا دون الدون!»، والتي جعلت البعض يبحث حول أصل هذه العبارة التي تحمل الكثير من المعاني دون إسفاف.
عبارة حيرت المتابعين
انتشرت مؤخرًا عبر منصات التواصل رواية تقول إن كلمات «دون» و«دون الدون» كانت في الأصل تصنيفات للقطن المصري، تُتداول في بورصة الإسكندرية خلال العهد الملكي.
وكان القطن في هذه الحقبة عماد الاقتصاد المصري، وارجع البعض أن له تصنيفات تبدأ من «عال»، وتمر بـ«وسط»، ثم «دون»، وصولًا إلى «دون الدون»، وهي أدنى درجات الجودة.
وبحسب هذه الرواية المتداولة فإن ميمي شكيب التي جسدت شخصية «جليلة العالمة» في فيلم بين القصرين، لم تكن تسبّ عشوائيًا، بل كانت تمارس نقدًا لاذعًا بمصطلحات لها دلالة، تصف بها خسة «سي السيد» بعد خيانته لها.
علاقة «دون الدون» بالقطن المصري
عند التدقيق والبحث في مصادر موثقة، يتضح أن هذه الرواية رغم طرافتها وانتشارها، لا توجد لها أدلة توثق وجود تصنيفات القطن بهذه الأسماء تحديدًا لا في أرشيف بورصة الإسكندرية، ولا في سجلات وزارة الزراعة.
والمعروف أن أصناف القطن المصري كانت تُسمى بأسماء مناطق مثل «جيزة»، «كارنك»، و«منوفي»، أو توصف حسب درجة التيلة والطول والنعومة، وليس بـ«دون» أو «دون الدون».
وقد تكون هذه العبارة تحمل مدلول شعبي استخدمه العامة في التعبير عن رداءة البضاعة أو أنواع القطن.
الفن الحقيقي يبقى
سواء كانت عبارة «يا دون يا دون الدون» مبنية على مصطلحات اقتصادية، أو مجرد تعبير ساخر ضمن مشهد سينمائي، فهي تكشف كم أن الفن الجيد لا يموت، وقادر على التعبير دون إسفاف بألفاظ لا تخرج عن الآداب العامة.
استطاعت عبقرية السيناريو والحوار وأداء ميمي شكيب أن يخلدا جملة لا تُنسى، وبعد عشرات السنين من الرحيل تثير التساؤلات عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين الشباب، حيث يقوم الجمهور بإعادة تفسير المشاهد والمصطلحات القديمة، لتمنح الأعمال الفنية العتيقة حياة جديدة، لأن الأشياء الأصيلة تبقى.