تقارير-و-تحقيقات
بعد واقعة وزير الأوقاف.. عالم أزهري: تقبيل يد العلماء مستحب.. ويؤكد: منطلقات شرعية وعرفية

كتب- محمود عرفات
سادت حالة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعدما قام عدد من المشايخ وطلاب العلم بتقبيل يد وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري خلال إحدى زياراته، وذلك ما جعل هناك حالة من الاستياء والاستنكار عند البعض، بينما يرى البعض الاخر أن في الأمر لا يستحق كل هذا الاختلاف، لا سيما وأنه لا يخالف الشريعة الإسلامية.. وذلك على حد قولهم.
تقبيل يد العلماء.. عادة أزهرية
من جانبه قال محمد إبراهيم العشماوي أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر إنه قد شاع بين الأزهريين تقبيل أيدي المشايخ والعلماء في العلم وفي الطريق إلى الله، ابتغاء وجه الله، وطاعة لرسول الله، برا بهم، وإكراما لهم، ومخاطبتهم بألفاظ التبجيل كمولانا، وسيدنا، وشيخنا، وأستاذنا، مشيرا إلى أن مثل هذه التصرفات قد لا تلقى قبولا عند غير الأزهريين من أهل العلم، ويرونها نوعا من الذلة والمهانة والاستكانة، وقد صرح لي بعضهم بذلك، عائبا به على الأزهريين.
تقبيل يد العلماء.. منطلقات شرعية وعرفية
وأوضح خلال منشور على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” أن الأزهريين إنما ينطلقون في ذلك من منطلقات شرعية وعرفية، فقد قبل الصحابة أطراف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقبل بعضهم أيدي بعض، وتواترت هذه العادة من لدن الصدر الأول إلى يومنا هذا بين أهل الفضل والعلم، واتفقت المذاهب الأربعة على استحبابها، استنادا إلى الشرع والعرف، كما ذكرناه في موضع آخر حتى ظهرت أجيال تنكر هذه العادة، تارة تحت دعوى أنها مذلة ومهانة ونفاق وتملق، وتارة تحت دعوى أنه قد وردت بعض الآثار تنهى عن تقبيل اليد، حتى ألف بعض الأزهريين بحثا في حرمة تقبيل اليد، في مراغمة صريحة للنصوص الشرعية، والمذاهب الفقهية، وإنما أنكرها الإمام مالك لمعنى النفاق والتملق.
حكم تقبيل يد العلماء
وتابع قائلا: “الذي أقوله، وأدين الله به، وأفعله؛ أن تقبيل أيدي الصالحين، والعلماء العاملين، والأمراء العادلين – لغير دنيا – برا بهم، وإكراما لهم، من غير مذلة؛ أمر مشروع، ولا حرج فيه، ومن باب أولى تقبيل أيدي الوالدين، وكبار السن، من أصحاب الفضل والفضيلة، وتقبيل أيدي المنكسرين والضعفاء، كاليتامى، والفقراء، والمساكين، والمسنين – جبرا لخاطرهم -؛ عندي حسن، ومن فضل الله علي أنني أفعل ذلك”.
وأضاف أنه كذلك يقبل يد الأخت والزوجة والعمة والخالة، وكل من شهدت فيه نوع انكسار، مؤكدا أنه لا يقبل يد أحد من أهل الدنيا، لا غني، ولا مسؤول، ولا من بيني وبينه حاجة، أو مظنة حاجة، أو خصومة، حتى إني امتنعت عن تقبيل أيدي شيوخنا الذين تولوا بعض المناصب العليا، وقد كنت أقبلها قبل توليهم هذه المناصب.
التقبيل المعلول.. متى يكون التقبيل مذموما؟
ولفت إلى أنه يحزن جدا حينما يرى بعض القيادات الدنيا تقبل أيدي القيادات العليا، لا سيما مع ارتداء الزي الأزهري؛ لأن قرائن الحال تنادي بأن هذا التقبيل معلول، إلا إذا كان يقبل يده قبل تولي المنصب؛ فهذا لا بأس به، وهو نظير قول الفقهاء في قبول المسؤولين للهدايا، فقد أجازوها لمن كان يهديه قبل المنصب، دون من أهداه بعده، وقد شاع هذا التقبيل بين أهل المناصب الدنيوية عموما، وسموا من يقبلون يده بولي النعمة.. وأضاف قائلا: وقد أعجبني جدا أن سمعت بعض كبار شيوخنا؛ يقول لتلميذ له في منصب: لا تعد تقبل يدي بعد اليوم، احتراما لهيبة المنصب.
وعن محبة الشيخ أو العالم لمن يقبل يده، أو هو الذي يبادر بمد يده له قال: لا أقبل يد من يرخي يده للتقبيل، أو يحب أن تقبل يده، ولا أحب للعالم والصالح أن يمد يده لتقبل، وأحب له أن ينزعها، فتنتزع منه انتزاعا، إلا إذا غُلب عليها، أو كان من عادة الناس أن تنكسر خواطرهم بنزع اليد منهم، وقد كان سيدنا الشيخ الخطيب وسيدنا الشيخ عبد السلام وغير واحد من شيوخنا يفعلون ذلك.
وأضاف: أما تقبيل أيدي الفسقة والظلمة وأعوانهم والنساء الأجنبيات؛ فأمر دونه خرط القتاد عندي، وأسأل الله ألا يبتليني به.