الرئيسيةتقارير-و-تحقيقات

الأزهر يواجه الشبهات.. رد علمي على 17 حديثًا متهمًا بالإساءة للمرأة

تقرير:مصطفى على

في ظل موجات التشكيك التي تطال النصوص الدينية، وفي مقدمتها السنة النبوية المطهرة، يأتي كتاب جديد يُعرض ضمن جناح الأزهر الشريف في معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب، ليقدم ردًّا علميًّا شاملًا على جملة من الشبهات التي دأب بعض المغرضين على تكرارها حول المرأة في السنة، مدّعين أن الإسلام ينتقص من مكانتها أو يحط من قدرها.

الكتاب، الذي يستند إلى قراءة علمية دقيقة للنصوص النبوية، لا يكتفي بعرض الردود، بل يغوص في أعماق الأحاديث، كاشفًا عن المقاصد الحقيقية للنصوص، ومبرزًا السياق الزماني والمكاني واللغوي لها، ليظهر في النهاية كم هي بعيدة تلك التأويلات المغرضة عن روح الإسلام وعدالته.

سلاح العلم في مواجهة الشبهات: بين تحريف المتأولين ومتانة النصوص النبوية

يقوم الكتاب على تفنيد سبع عشرة شبهة أُثيرت حول عدد من الأحاديث النبوية المتعلقة بالمرأة، تلك التي طالما استُخدمت في حملات تشويه متعمدة لرسالة النبي ﷺ وللإسلام ككل ويتميز العمل بمنهجه التحليلي النقدي، الذي يجمع بين دقة التحقيق العلمي وروح الفهم المقاصدي للنصوص الشرعية.

يتعرض الكتاب لتأويلات مغلوطة قامت على اقتطاع النصوص من سياقها، أو تحميلها معاني لا تحتملها لغويًّا ولا دلاليًّا، أو إسقاطها على واقع معاصر دون فهم لطبيعة المرحلة التاريخية التي قيلت فيها.

تفنيد شامل لأشهر الشبهات حول المرأة

من أبرز الشبهات التي يتناولها الكتاب بالتحليل والرد:

1. “إن المرأة خُلقت من ضِلَع”

يفند المؤلف المزاعم التي تفسر هذا الحديث على أنه انتقاص من المرأة، موضحًا أن الحديث يحمل دلالة رمزية على اللين والخصوصية في الخلق، وأنه تكريم لها لا تحقير، إذ الضلع يحمي القلب، وهو رمز الاحتواء لا النقص.

2. “رأيتكن أكثر أهل النار”

يشرح الكتاب السياق الكامل للحديث، مبينًا أنه لم يكن حكمًا مطلقًا، بل كان في مناسبة معينة، وأنه حديث يحمل رسالة تحذيرية وتوجيهية، وليس تصريحًا بالنقص أو الإدانة الجماعية.

3. “النساء ناقصات عقل ودين”

من أكثر الأحاديث التي أُسيء فهمها، ويبين المؤلف كيف أن نقصان الدين هنا متعلق بعذر شرعي (الحيض)، وأن “نقصان العقل” لا يعني الغباء أو قلة الذكاء، بل إشارة إلى طبيعة العاطفة التي تغلب في بعض المواقف، وهو ليس عيبًا بل خصيصة خلقية.

4. “لن يفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة”

يؤكد المؤلف أن الحديث ورد في سياق سياسي خاص بحالة دولة فارس بعد تنصيب امرأة على العرش، وأنه لا يُفهم على أنه تشريع عام بمنع تولي المرأة للمناصب، مستشهدًا بتجارب تاريخية لنساء مسلمات قُدن دولًا وأممًا.

5. “يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب”

يركز الكتاب على تصحيح المفهوم، موضحًا أن الحديث له أسباب ورود، وقد وردت روايات أخرى تقيده، وأن المقصود ليس “النجاسة” أو “الدونية”، بل تنظيم حالة الخشوع في الصلاة وفق أعراف اجتماعية خاصة بذلك العصر.

إعادة الاعتبار للنصوص المنسية أو المشوهة

يشمل الكتاب أيضًا ردودًا على:

“لعن الله زوارات القبور”: مبيّنًا أنه نهي مؤقت له أسبابه التاريخية والاجتماعية، وأن النبي ﷺ في أحاديث أخرى أباح زيارة القبور للنساء كما الرجال.

“التسبيح للرجال والتصفيق للنساء”: شارحًا أن الأمر تنظيمي لا يعني تحقيرًا، وإنما توجيه خاص بجانب من جوانب الصلاة حفاظًا على قدسيتها.

“لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد”: موضحًا أن الحديث جاء في مقام النهي عن التشبه بالعبودية، داعيًا إلى إنهاء العنف الأسري، وليس كما يروج البعض أنه إقرار بالضرب.

“إذا استعطرت المرأة فمرت على القوم”: مبيّنًا أن النص يحذر من إثارة الفتنة، وليس منع المرأة من العطر بذاته.

“المرأة تقبل في صورة شيطان”: يكشف المؤلف عن خلفية هذا التعبير في الثقافة العربية القديمة، ويُبيِّن أنه مجازي وليس حقيقيًّا.

“لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد”: يوثق أن الحديث جاء في سياق الحث على طاعة الزوج ضمن إطار الحقوق المتبادلة، وليس إذلالًا للمرأة.

“لولا حواء لم تخن أنثى زوجها”: ينقض التفسير الخاطئ الذي يحمل المرأة أوزار الخيانة، موضحًا الفهم الصحيح للحديث في ضوء النصوص المكملة.

“الشؤم في ثلاث”: ويثبت أن الحديث نُسخ أو حمل تأويلًا لا علاقة له بذم المرأة، بل وصف لواقع اجتماعي محدود لا تشريع دائم.

“فإنهن عوان عندكم”: يُبرز المعنى الحقيقي لـ”العوان” على أنه توصية بالرعاية، لا تشريع بالاستعباد.

شبهات معاصرة: من الخروج من البيت إلى دية المرأة

ويخصص الكتاب فصلًا لمناقشة شبهات حديثة، منها:

استئذان الزوجة للخروج من البيت: ويوضح فيه أن الأمر تنظيمي قائم على الشورى والتفاهم، وليس منعًا أو تسلطًا.

قضية دية المرأة في الإسلام: ويبين أن الفقهاء لم يتفقوا على رأي واحد، وأن هناك مدارس فقهية ترى المساواة الكاملة، مستشهدًا بأدلة من السنة وعمل الصحابة.

تعليم المرأة: ويفند مزاعم تحريم تعليم المرأة، مستندًا إلى أحاديث كثيرة تحض على العلم لكل من الرجل والمرأة، وإلى مشاركة النساء في الحياة العلمية في عهد النبوة وما بعدها.

الكتاب في معرض الإسكندرية: صوت الأزهر في مواجهة التشويه

الكتاب يأتي ضمن إصدارات مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، ويُعرض حاليًا في جناح الأزهر بـ معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب، ليكون صوتًا علميًّا رصينًا في وجه حملات التشويه التي تطال الإسلام، وليؤكد أن السنة النبوية كانت وما زالت حامية لكرامة المرأة، ورافعة لمكانتها، وأن ما يُثار حولها من شبهات لا يقوم إلا على جهل أو تعمد في الإساءة.

السنة النبوية لا تظلم النساء.. بل تنصفهن

يثبت هذا الكتاب أن من يسيء فهم السنة النبوية هو من يراها بعين مُشككة، لا بعين منصفة، وأن النبي ﷺ كان أعظم نصير للمرأة، وأول من أعاد لها حقها الكامل في مجتمع لم يكن يعرف للنساء قدرًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights