شيخ الأزهر يستقبل رئيس هيئة الأركان الباكستانية

كتب:مصطفى على
في مشهد يعكس عمق العلاقات الإسلامية والدبلوماسية، استقبل فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، صباح اليوم الخميس بمقر مشيخة الأزهر، الفريق أول ساهر شمشاد مرزا، رئيس هيئة الأركان المشتركة لجمهورية باكستان الإسلامية، وذلك بحضور فضيلة الدكتور سلامة جمعة داود، رئيس جامعة الأزهر وتناول اللقاء عددًا من القضايا المشتركة، على رأسها التعاون العلمي والدعوي بين الجانبين، والدعم المتبادل لقضايا الأمة الإسلامية.
في مستهل اللقاء، ثمّن الإمام الأكبر عمق الروابط التي تجمع بين الأزهر الشريف وجمهورية باكستان الإسلامية، مشيرًا إلى أن طلاب باكستان الدارسين في رحاب الأزهر كانوا دومًا سفراء للعلم والدين، ومثالًا للتفوق والانضباط، مما أسهم في تعزيز علاقات الشراكة بين المؤسستين الروحيتين.
وأضاف الإمام الطيب: “ننظر إلى باكستان كأنموذج يحتذى في قوة العقل الإسلامي وتماسكه، وهي تمثل حليفًا علميًّا وثقافيًّا هامًا لنا، ونحرص في الأزهر على تطوير قنوات التعاون في مجالات التعليم والدعوة وتبادل الخبرات”. كما أعلن استعداد الأزهر لافتتاح مراكز لتعليم اللغة العربية في باكستان، لما تمثله من وسيلة لفهم القرآن الكريم، وربط الأجيال الجديدة بجوهر الدين الحنيف.
الأزهر يوسّع المنح الدراسية ويفتح الباب للعلوم التطبيقية
في خطوة ترسخ الدور الريادي للأزهر على الصعيد العالمي، أعلن فضيلة الإمام الأكبر استعداد الأزهر لزيادة عدد المنح الدراسية الممنوحة للطلاب الباكستانيين، والتي تبلغ حاليًا 30 منحة سنويًّا، مشيرًا إلى إمكانية تخصيص جزء منها لدراسة العلوم التطبيقية، مثل الطب والصيدلة والهندسة، إلى جانب العلوم الشرعية.
وقال الإمام الطيب إن الأزهر يرحّب بإرسال وفود جديدة من أئمة باكستان للتدريب بأكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والدعاة، بهدف تأهيلهم على مواجهة التحديات الفكرية المعاصرة، وتفنيد الشبهات، وصون خطاب الوسطية والتسامح.
القضية الفلسطينية في صدارة حديث الإمام الأكبر
وفي محور شديد الأهمية، تطرق الإمام الأكبر إلى ما وصفه بـ”جرح الأمة النازف”، وهو قضية فلسطين، مؤكدًا أن معاناة أهل غزة باتت وصمة على جبين الإنسانية، وأن استمرار الاحتلال وغياب العدالة يُقوض أي أمل في استقرار العالم.
وقال فضيلته: “لا يمكن أن يتحقق السلام لا في الشرق الأوسط ولا في العالم كله دون حلٍّ عادل للقضية الفلسطينية، يعيد للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف”.
وأضاف الإمام أن تغييب القضية الفلسطينية من مناهج التعليم في العالم الإسلامي أضعف وعي الأجيال، في حين يروّج الطرف الآخر لروايته الملفقة في مناهج التعليم العالمية.
رئيس الأركان الباكستاني: شيخ الأزهر رمز عالمي لوسطية الإسلام
من جانبه، عبّر الفريق أول ساهر شمشاد مرزا عن فخره واعتزازه بلقاء الإمام الأكبر، قائلاً: “يشرفني لقاء فضيلتكم، فأنتم تمثلون رمزًا عالميًّا لوسطية الإسلام، ومواقفكم الشجاعة تبعث الأمل في قلوب المسلمين حول العالم”.
وأكد الفريق أن الشعب الباكستاني يثق بمنهج الأزهر ويتابع مواقفه بكل اهتمام واحترام، لافتًا إلى أن الأزهر الشريف يُعد مرجعية دينية وفكرية للأمة الإسلامية بأسرها. كما ثمّن الرعاية التي يحظى بها الطلاب الباكستانيون في الأزهر، مشيدًا بمبادرة افتتاح مراكز تعليم اللغة العربية في باكستان، ومشيرًا إلى أن الأجيال الباكستانية لطالما اعتادت دراسة العربية لفهم النصوص الدينية على أصولها.
إشادة بدور الأزهر في دعم العلوم والتكنولوجيا
أشاد رئيس الأركان الباكستاني أيضًا بدور الأزهر الشريف في الجمع بين تعليم العلوم الشرعية والعلوم التطبيقية، مؤكدًا أن نهضة الأمم لا تقوم على الفقه والدعوة فقط، بل لا بد أن تشمل الطب والهندسة والعلوم الحديثة، وهي رؤية حضارية تجمع بين الأصالة والمعاصرة.
وأضاف أن باكستان تدعم رؤية الأزهر في تكامل التعليم الشرعي والعلمي، وتؤمن بأن هذه المعادلة هي السبيل الحقيقي لبناء أجيال قادرة على صناعة مستقبل الأمة الإسلامية.
دعوة رسمية لزيارة باكستان.. وترحيب من الإمام الأكبر
وفي ختام اللقاء، قدَّم الفريق أول مرزا دعوة رسمية إلى فضيلة الإمام الأكبر لزيارة باكستان، مؤكّدًا أن الشعب الباكستاني يتطلع لهذه الزيارة بكل شغف، لما لفضيلته من مكانة كبيرة في قلوبهم.
وقد رحّب الإمام الطيب بالدعوة، مؤكّدًا عزمه على تلبيتها في أقرب وقت ممكن، لما تمثله من تعزيز لأواصر الأخوّة بين شعبي الأزهر وباكستان، وخدمة لقضايا الأمة الإسلامية في هذه المرحلة الحساسة من تاريخها.