رئيس جامعة الأزهر: القرآن سبق العالم إلى علم الفلك

كتب: مصطفى على
في مشهد علمي وروحي يعكس عمق العلاقة بين الشريعة الإسلامية وعلوم العصر، أكد فضيلة الدكتور سلامة جمعة داود، رئيس جامعة الأزهر، أن القرآن الكريم سبق البشرية في التنبيه إلى أهمية علوم الفلك والفضاء، موجّهًا إلى أن آيات القرآن نطقت بالحكمة الربانية في دعوة الإنسان إلى التأمل في السماء والنجوم منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا.
جاء ذلك في كلمته التي ألقاها خلال حفل تدشين المشروع العلمي المشترك بين مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف ووكالة الفضاء المصرية، والمخصص لدراسة النوازل الفقهية المتعلقة بأحكام الفضاء، وذلك بمقر الوكالة بالقاهرة، وبحضور عدد من كبار العلماء والمسؤولين في الأزهر ووكالة الفضاء.
تدشين مشروع علمي رائد بين الأزهر ووكالة الفضاء المصرية
فضيلة الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف ورئيس مركز الأزهر العالمي للفلك الشرعي وعلوم الفضاء.
فضيلة الدكتور أسامة الأزهري، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية.
فضيلة الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية.
الدكتور شريف صدقي، الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية.
الدكتور أحمد رمضان صوفي، عميد كلية العلوم بنين بالقاهرة.
ويأتي هذا التعاون المشترك تتويجًا لجهود الأزهر في الانخراط العلمي في قضايا العصر، وتأكيدًا على دور المؤسسة الدينية في التعامل مع النوازل الفقهية الجديدة التي تفرضها التقنيات الحديثة وعلوم الفضاء.
شمولية الشريعة وإعجاز القرآن في الإشارة إلى علوم الكون
في كلمته، أكد رئيس الجامعة أن شريعة الإسلام تتميز بالشمولية والمرونة التي تسمح لها بمواكبة التطور العلمي في كل العصور، مستشهدًا بجملة من الآيات القرآنية التي توجه الأنظار إلى النجوم والكواكب ومواقعها، ومن أبرزها قوله تعالى:
“فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ۞ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ”
“وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ”
“وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ”
وأوضح فضيلته أن هذه الآيات العظيمة تؤكد أن الإسلام لم يكن غريبًا عن علوم الكون، بل دعا إليها وسلك بالناس سبيل التدبر والتفكر في خلق السماوات والأرض، وهو ما يمثل دعوة علمية مبكرة للانخراط في البحث الفلكي والكوني.
افتتاح قسم الفلك الشرعي: نقلة نوعية في التعليم الديني والعلمي
أكد رئيس الجامعة أن افتتاح قسم الفلك الشرعي بكلية العلوم بنين بالقاهرة يُعد شاهدًا حيًّا على ريادة الأزهر في الجمع بين العلوم الدينية والدنيوية، مشيرًا إلى أن هذا القسم هو الوحيد من نوعه على مستوى الجامعات، ويجسد حرص الأزهر على ربط الفقه بالعلوم الكونية.
كما أوضح أن هذا التوجه يعكس رؤية الأزهر إلى دمج العلوم الشرعية مع قضايا العصر، والاستفادة من الإرث العلمي الإسلامي في تطوير مناهج علمية تُسهم في الإجابة عن تساؤلات معاصرة، ومنها: كيفية أداء العبادات في الفضاء؟، وأوقات الصلاة والصيام على الأقمار الصناعية؟، وأحكام الجنائز في المركبات الفضائية؟ وغيرها من النوازل المعقدة.
علماء المسلمين.. رواد الفلك منذ قرون
سلط رئيس جامعة الأزهر الضوء على الدور الريادي الذي قام به علماء المسلمين في تأسيس علوم الفلك وقياس الزمن والأهلة والمواقيت، مشيرًا إلى أن مكتبة الأزهر الشريف تزخر بآلاف المخطوطات التي تؤكد اهتمام المسلمين المبكر بهذا المجال.
وأعاد إلى الأذهان مقولة أحد الفائزين بجائزة نوبل الأوروبيين حين صرّح قائلًا:
“لقد وصلنا إلى الذرة بفضل عشرين كتابًا وصلتنا من علماء المسلمين في الأندلس”.
هذا التصريح، بحسب رئيس الجامعة، يدل على الامتداد الحضاري الذي بناه المسلمون في العلم والمعرفة، والذي ما زال صداه يتردد في الأوساط العلمية الغربية حتى يومنا هذا.
تكريم الأزهر لجهوده في علوم الفضاء
قام الدكتور شريف صدقي، الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية، بتكريم رئيس جامعة الأزهر، فضيلة الدكتور سلامة جمعة داود، تقديرًا لجهوده العلمية البارزة، ومنحه درع الوكالة عرفانًا بمكانة الأزهر في دعم علوم الفضاء والفلك، باعتباره الجامعة الوحيدة التي تضم قسمًا للفلك الشرعي، وواحدة من أقدم المؤسسات التعليمية التي درست هذه العلوم منذ ما يزيد على ألف عام داخل رواق الجامع الأزهر.
الأزهر ورسالة العلم: من محراب العبادة إلى مدارات الفضاء
يعكس هذا المشروع الطموح والتعاون المؤسسي بين الأزهر ووكالة الفضاء المصرية، تحولًا جوهريًا في نظرة المؤسسات الدينية للعلوم الحديثة، ويؤكد أن الرسالة الأزهرية لا تنحصر في التعليم الديني فقط، بل تشمل خدمة الإنسانية والتفاعل مع معطيات الحضارة.