
تقرير: سمر صفي الدين
تستعد حكومة إسرائيل لاتخاذ خطوة دبلوماسية غير مسبوقة من خلال إغلاق القنصلية الفرنسية في القدس، مع مصادرة ممتلكات تاريخية. في رد مباشر على إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مبادرته للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو ما يفتح الباب أمام أزمة دبلوماسية عميقة مع باريس.
وتؤكد صحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية أن وزير الخارجية جدعون ساعر أوصى نتنياهو بشكل واضح بإغلاق القنصلية الفرنسية. معتبرًا أن الموقف الفرنسي يمثل تحديًا مباشرًا لسياسات الاحتلال ويعزز من موقع الفلسطينيين سياسيًا ودبلوماسيًا.
كما توضح الصحيفة أن القرار بات شبه محسوم داخل دوائر حكومة الاحتلال، بعد أن أبدى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ميلًا كبيرًا لتبني هذه الخطوة. خصوصًا مع تصاعد الضغوط الدولية بسبب استمرار الحرب على غزة.
وتبرز المؤشرات أن الاعتراف الفرنسي لم يقتصر على إشعال موجة دعم دولية للفلسطينيين. بل ساهم أيضًا في تقوية موقف حركة حماس التفاوضي، وهو ما تعتبره إسرائيل تهديدًا استراتيجيًا مباشرًا لمصالحها.
“مصادرة ممتلكات فرنسية تاريخية داخل القدس
وعلى رأسها موقع “قبر الملوك”، وبعض الكنائس
والمباني العائدة للجمهورية الفرنسية”
تهديد بمصادرة الممتلكات
وينضم وزير شؤون الشتات عميحاي شكيلي إلى موقف ساعر، محذرًا من أن الخطوة الفرنسية ألحقت ضررًا مباشرًا بمكانة الاحتلال وبأسرى الحرب، مشددًا على ضرورة اتخاذ إجراءات عقابية واضحة.
كما يشدد شكيلي على أن البيانات السياسية لم تعد كافية، داعيًا إلى مصادرة ممتلكات فرنسية تاريخية داخل القدس. وعلى رأسها موقع “قبر الملوك”، وبعض الكنائس والمباني العائدة للجمهورية الفرنسية.
ويعتبر عضو الكنيست دان إيلوز، وهو فرنسي المولد، من أشد المرحبين بهذه التوصية. حيث أعلن أنه كان قد رفع مقترحًا مماثلًا قبل أسبوعين، معتبرًا أن اعتراف ماكرون يشكل “مكافأة للإرهاب”، وأن الرد الإسرائيلي يجب أن يتخذ شكلًا سياديًا صارمًا.
وتؤكد التقديرات الإسرائيلية أن تنفيذ هذه الخطوة سيغير جذريًا من طبيعة العلاقة مع فرنسا، باعتبارها واحدة من أكبر الدول الأوروبية وعضوًا دائمًا في مجلس الأمن الدولي.
الموقف الفرنسي الحازم
وتؤكد وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية أنها لم تتلق أي إخطار رسمي من إسرائيل بشأن إغلاق القنصلية في القدس، لكنها اعتبرت أن مثل هذا القرار سيلحق ضررًا جسيمًا بالعلاقات الثنائية.
كما تحذر باريس من أن استهداف القنصلية الفرنسية أو مصادرة الممتلكات التاريخية سيمثل انتهاكًا مباشرًا لسيادة الجمهورية الفرنسية. وسيستدعي رد فعل سياسي صارم على المستوى الأوروبي والدولي.
وتشير الخارجية الفرنسية إلى أن باريس تنسق مع شركائها الأوروبيين لوضع خطوات عملية لمواجهة أي تصعيد إسرائيلي محتمل. خصوصًا مع تنامي المؤشرات على اتجاه تل أبيب لاعتماد سياسة مواجهة مع أوروبا.
وتضيف الخارجية الفرنسية أن هذه الإجراءات لن تثني فرنسا عن مواصلة التزامها السياسي والقانوني تجاه القضية الفلسطينية، بل ستزيد من تصميمها على دعم حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة.
دعم واضح لحل الدولتين
ويأتي هذا الموقف في ظل إعلان فرنسا مؤخرًا إدانتها الشديدة لمشروع استيطاني ضخم في الضفة الغربية يشمل بناء أكثر من 3400 وحدة سكنية شرق القدس. معتبرة أن المشروع يمثل “انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي”.
كما تؤكد باريس أن استكمال مشروع مستوطنة “إي 1” سيؤدي إلى تقسيم الضفة الغربية إلى شطرين، ما يقوض بشكل خطير إمكانية قيام دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا.
وتوضح التصريحات الفرنسية أن حل الدولتين لا يزال السبيل الوحيد القادر على ضمان الأمن والسلام للإسرائيليين والفلسطينيين. وأن الاستيطان المستمر يمثل عقبة مركزية أمام هذا الحل.
وتشير باريس إلى أنها، بالتنسيق مع شركائها. تدرس فرض عقوبات جديدة على شخصيات وكيانات إسرائيلية مسؤولة عن التوسع الاستيطاني، في محاولة لردع سياسات الاحتلال.
“رئيس الكنيست: على فرنسا بناء دولة
فلسطينية على أرضها”
هجوم إسرائيلي
وفي المقابل، شن رئيس الكنيست الإسرائيلي أمير أوحانا هجومًا حادًا على الرئيس الفرنسي. واصفًا مبادرته بالاعتراف بالدولة الفلسطينية بأنها “مكافأة لحركة حماس” وتشجيع للإرهاب.
كما سخر أوحانا من باريس معتبرًا أنها فقدت مكانتها كرمز أوروبي للاستقرار. مشيرًا إلى أنها باتت تشبه “الشرق الأوسط أكثر من أوروبا” على حد قوله.
وأضاف أوحانا أن الدول الأوروبية التي تعترف بدولة فلسطينية عليها إقامة هذه الدولة داخل أراضيها بدلًا من دعم الفلسطينيين في أرضهم. معتبرًا ذلك الحل الوحيد لمواجهة “خطر الإرهاب”.