د. محمد سلامة يكتب: التصوير الخفي بين التوثيق وانتهاك الخصوصية

في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل ملحوظ ظاهرة تصوير الناس في الشارع أو الأماكن العامة دون إذنهم، بهدف جمع المشاهدات وتحقيق الترند على منصات التواصل الاجتماعي. كثيرون يرون أن هذه الممارسات تجاوزت حدود الحرية الشخصية، وتحولت إلى شكل من أشكال التشهير وانتهاك الكرامة الإنسانية.
من الملاحظ أن بعض الأشخاص يبررون تصويرهم للآخرين بأنهم “يوثقون” موقفًا ما أو “يدافعون” عن قضية، لكن الواقع أن كثيرًا من هذه المقاطع لا تعكس الحقيقة كاملة، بل تُقتطع اللقطات من سياقها لتظهر بشكل يثير الجدل ويجذب المتابعين.
الأخطر من ذلك أن هذه الفيديوهات قد تتسبب في أذى نفسي أو اجتماعي جسيم للأشخاص الذين يتم تصويرهم، خاصة إذا تخللها سب أو قذف أو اتهامات باطلة. وفي المقابل، نادرًا ما يفكر من يمسك بالكاميرا في التبعات القانونية والأخلاقية لتصرفه.
من هنا يطرح سؤال نفسه:
هل يحق لأي فرد أن يصور الناس وينشر مقاطعهم دون إذن بحجة “التوثيق” أو “الدفاع عن القضايا الإنسانية”؟ أم أن هذه الممارسات مجرد انتهاك لخصوصية الآخرين وتعدٍّ على كرامتهم تحت غطاء الحرية؟
المطلوب اليوم هو نقاش مجتمعي واعٍ يضع ضوابط واضحة بين حق التوثيق وواجب احترام خصوصية الناس، حتى لا تتحول الكاميرا إلى أداة أذى بدل أن تكون وسيلة توعية.