عرب-وعالم

طموحات وتحديات.. هل تلتزم إثيوبيا باتفاق المصالحة مع الصومال؟

في خطوة تهدف إلى تهدئة التوترات الإقليمية، شهدت العاصمة التركية أنقرة، مؤخرًا، توقيع اتفاق مبدئي بين إثيوبيا والصومال، بتوقيع “إعلان أنقرة” الذي يُعد أهم مخرجات الوساطة التركية بين البلدين على مدار عام كامل.

ويسعى موقع “اليوم” لرصد تحديات الوصول البحري لإثيوبيا الحبيسة “لا تمتلك سواحل بحرية”، ومدى التزامها بمخرجات “إعلان أنقرة” في ضوء اعتباره مساعي طموحة لتفكيك واحدة من أعقد الأزمات في إقليم القرن الإفريقي، أزمة المنفذ البحري لإثيوبيا التي طالما أثارت توترات بين أديس أبابا وجيرانها الصومال وإريتريا وجيبوتي وكينيا والسودان.

الاتفاق المبدئي

تعقيبًا على هذه التطورات، يرى محمد ابتدون، باحث في مركز الصومال للدراسات، أن الاتفاق المبدئي الذي تم التوصل إليه برعاية تركيا بين إثيوبيا والصومال يحمل إمكانيات كبيرة لتهدئة التوترات في القرن الإفريقي، خاصة في ظل قبول تركيا كوسيط موثوق من قبل الجانبين، لافتًا إلى أن الاتفاق قد يكون بمثابة منصة لفتح قنوات الحوار بشأن تقاسم المصالح الاقتصادية وتعزيز الاستقرار الإقليمي.

وأشار ابتدون، لـ”اليوم”، إلى أن النجاح المستدام لهذا الاتفاق مرهون بمدى التزام الأطراف ببنوده وبناء الثقة المتبادلة، ويأتي ذلك في سياق حساس، حيث إن ملف المنفذ البحري يمثل نقطة محورية ترتبط بمصالح استراتيجية لإثيوبيا وطموحات الصومال في حماية سيادته.

تأثير الوساطة التركية

بحسب ابتدون، فإن تركيا تمتلك علاقات وثيقة مع الصومال، من خلال مشاريع تنموية ودعم مستمر للحكومة الصومالية، مما يمنحها ميزة كوسيط مقبول.

على صعيد الصومال وإثيوبيا: يمكن للوساطة التركية أن تُسهم في تحسين العلاقات، إذا نجحت في تحقيق التوازن بين المصالح المتعارضة.

بالنسبة لمصر: تراقب القاهرة بعناية التطورات في القرن الإفريقي وتأثيراتها على أمنها المائي وسلامة الملاحة في البحر الأحمر.

ورجح ابتدون أن تُحفز الوساطة التركية مصر على تعزيز وجودها الدبلوماسي مع الصومال، لكنها قد تُثير قلقًا إزاء أي تحالفات تُقوّي النفوذ الإثيوبي في المنطقة.

تحديات صومالية

تطرق الباحث إلى المخاوف والتحديات الصومالية المرتبطة بوصول إثيوبيا إلى البحر الأحمر عبر إقليم أرض الصومال. وتشمل هذه المخاوف:

  • السيادة الوطنية: أي اتفاقية تتيح لإثيوبيا استخدام موانئ أرض الصومال قد تُفسر كاعتراف ضمني باستقلال الإقليم، مما يهدد وحدة الأراضي الصومالية.
  • الأمن القومي: النفوذ الإقليمي لإثيوبيا قد يؤدي إلى استغلال المنافذ البحرية لتعزيز قوتها العسكرية والاقتصادية، على حساب الصومال.
  • الاقتصاد: تفعيل هذه الاتفاقيات قد يُضعف قدرة موانئ الجنوب الصومالي، مثل ميناء مقديشو، على المنافسة اقتصاديًا.

شرعية الحكومة

رأى ابتدون أن مشاركة الحكومة الصومالية في إعلان أنقرة يُظهر رغبتها في تعزيز دورها الإقليمي والدبلوماسي.

على الصعيد الداخلي: قد يُسهم الاتفاق في تعزيز شرعية الحكومة أمام الشعب إذا نجحت في تحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية ملموسة.

على الصعيد الخارجي: يُمكن أن يُحسن الاتفاق من صورة الصومال كشريك مستقر وقادر على التعاون مع دول الجوار.

ومع ذلك، شدد الباحث على أن التحديات تبقى قائمة، خاصة فيما يتعلق بفرض السيادة وتنفيذ بنود الاتفاق وسط الانقسامات الداخلية وغياب رؤية موحدة بشأن العلاقة مع إثيوبيا وأرض الصومال.

محورية الدور المصري

أوضح ابتدون أن مصر تنظر إلى الصومال كجزء من أمنها القومي المرتبط بالبحر الأحمر وممرات التجارة الدولية.

أمنيًا: تُركز مصر على تعزيز قدرات الصومال في مكافحة الإرهاب واستقرار الأمن الداخلي، بما يساهم في خلق بيئة أكثر استقرارًا في المنطقة.

سياسيًا: تعمل مصر على الحفاظ على علاقات قوية مع الحكومة الصومالية لموازنة النفوذ الإثيوبي والتركي.

ومع ذلك، أشار الباحث إلى أن الدور المصري يتطلب خطوات أكثر شمولية، مثل دعم المشاريع التنموية وتعزيز الاندماج الاقتصادي مع الصومال.

كما يرى الباحث الصومال محمد ابتدون أن إعلان أنقرة يُشكل فرصة حقيقية للصومال للتعامل مع قضاياها الإقليمية بشكل دبلوماسي، لكنه يُحذر من التحديات المرتبطة بتنفيذه.

ومن جهة أخرى، يحتاج الدور المصري إلى استراتيجيات متجددة لتعزيز حضوره في القرن الإفريقي بشكل يتناسب مع المتغيرات الإقليمية والدولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights