
يبحث المسلم الصادق الذي يخشى الله عن علامات قبول الطاعات التي يؤديها، سواء كانت صلاة أو صيامًا أو صدقة أو عمرة أو حجًا، فكل عمل صالح يُرجى قبوله عند الله.
استحضر المسلمون كلمات الصحابي الجليل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- حين قال: “ليت شعري، من المقبول فنهنيه، ومن المحروم فنعزيه، وقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أيها المقبول هنيئًا لك، وأيها المردود جبر الله مصيبتك.
علامات قبول الطاعة
الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أكد في أحد دروسه الدينية أن قبول الطاعات يرتبط بسلوك المسلم بعد أدائها. وأوضح أن من أبرز علامات القبول عند الله:
1. المداومة على الطاعة: فالعبد المقبول عند الله يُوفَّق للاستمرار في عمل الطاعات بعد انتهائها.
2. الابتعاد عن الذنوب: الرجوع إلى الذنب بعد الطاعة يُعد من علامات الخسران، حيث قال يحيى بن معاذ: “من استغفر بلسانه وقلبه على المعصية معقود، فصومه مردود، وباب القبول مسدود”.
3. محبة الطاعة وأهلها: من علامات القبول أن يُحبب الله الطاعة إلى قلب المسلم، ويزرع فيه الأنس بها، ويُحبب إليه الصالحين وأهل الطاعة، وينفره من المعاصي وأهلها.
واستشهد الدكتور جمعة بقول الله تعالى: “الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ”، مبينًا أن الاطمئنان في الطاعة دليل على حب الله وقبوله.
المسامحة.. طريق لقبول الأعمال
أشار الدكتور علي جمعة إلى أن من أسباب عدم قبول الأعمال وجود الشحناء أو المخاصمة بين المسلمين. واستدل بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئًا، إلا رجلًا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا.
وأوصى الدكتور جمعة بضرورة التخلق بخلق التسامح حتى مع من أساء، مؤكدًا أن العفو والسماح يعززان القبول ويعظمان الأجر.
كما دعا إلى إحياء عبارات التسامح التي اندثرت مثل: الله يسامحك، وصلى على النبي، و وحدوا الله، مشيرًا إلى أن هذه الأدبيات جزء من التراث الإسلامي القائم على الرحمة والتسامح.
القضاء والقصاص.. ضبط الشرع للتعامل مع الظلم
أكد الدكتور علي جمعة أن الإسلام وضع منهجًا لضبط القصاص وتحقيق العدالة، مبينًا أن المظلوم ليس مخولًا بأن يقتص لنفسه، وإنما يلجأ إلى القضاء لتحقيق العدل، وقال: “القصاص لا نستوفيه من أنفسنا، بل نلجأ للقضاء الذي وضعه الشرع لضبط الأمور”.
المداومة على الطاعة.. سنة نبوية
كان هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- المداومة على الطاعات، وهو ما أكدته السيدة عائشة -رضي الله عنها- حين قالت: “كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا عمل عملًا أثبته”، وأشارت إلى أن أحب الأعمال إلى الله هي التي يداوم عليها المسلم، حتى وإن كانت قليلة.