
بعد أجواء تفاؤلية بقرب إبرام صفقة تبادل الأسرى ووقف حرب غزة، تفيد تقارير عبرية بمحاولات رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لعرقلة الاتفاق، وسط ضغوط داخلية شديدة بسبب محاكمته بتهم الفساد وانتقادات المعارضة وعائلات الأسرى، وتشير التوقعات إلى احتمال تأجيل الصفقة لحين تولي ترامب الرئاسة، مما يعمق الانقسام داخل إسرائيل.
أسباب عرقلة نتنياهو
وفقًا للسفير يوسف زادة، مساعد وزير الخارجية الأسبق، فإن نتنياهو يرفض إنهاء الحرب في غزة لأسباب سياسية واستراتيجية متعددة. ويرى أن إنهاء الحرب قبل تحقيق الأهداف العسكرية، مثل القضاء على حركة حماس وتحرير الرهائن، قد يُعتبر فشلاً ويشكل تهديدًا لاستقراره السياسي.
بالإضافة إلى الضغوط من داخل حكومته، خاصة من وزيريه المتطرفين، وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريش، الذين يرفضون أي هدنة أو اتفاق، ويسعى نتنياهو إلى تجنب أي صفقة قد تُضعف من موقف إسرائيل أو تعزز قوة حماس في المنطقة.
الورقة الرابحة
وأضاف السفير زادة أن حرب غزة، طالما لم تصل إلى تسوية، فتُعتبر ورقة رابحة بيد إسرائيل في التفاوض على مختلف الأصعدة، وفي ظل استمرار الحرب، يبقى نتنياهو في وضع قوة داخليًا وخارجيًا، مما يسمح له بممارسة ضغط إضافي على الأطراف الأخرى لتحقيق مصالحه.
من جهة أخرى، أشار السفير زادة إلى أن ينتظر نتنياهو قدوم الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، في يناير 2025، مع اعتقاده أن فوز ترامب سيمنحه دعمًا أكبر في المفاوضات المتعلقة بحرب غزة وصفقة تبادل الأسرى، مما يعزز من فرصه في ضمان استقراره السياسي والبقاء في السلطة.
تفاصيل الصفقة
وتشهد إسرائيل حالة من الاستقطاب السياسي بسبب عرقلة نتنياهو لصفقة تبادل الأسرى، ومن جهتها، نقلت القناة 12 العبرية عن مصدر مطلع تفاصيل الصفقة، نافية ما تم تناقله في وسائل الإعلام العربية حول الاتفاقات المحتملة، وأكد المصدر أن إسرائيل لم ولن توافق على الانسحاب من “أغلبية محور فيلادلفيا”، الذي يمنع حركة حماس من تعزيز قوتها وإعادة تسليحها.
وأشارت قناة “كان” العبرية إلى وجود فجوات كبيرة في المفاوضات الجارية في الدوحة، والتي تتطلب قرارات حاسمة من القيادات السياسية في الجانبين، لا سيما في قضايا الأسرى الفلسطينيين ذوي الأحكام العالية مثل مروان البرغوثي وأحمد سعدات، وكذلك موضوع الحزام الأمني الذي تطالب به إسرائيل على طول الحدود، بالإضافة إلى مواضيع ما بعد الحرب في قطاع غزة.
المعارضة الإسرائيلية
زعيم المعارضة، يائير لابيد، اتهم نتنياهو باستخدام “حيلة” قديمة، حيث تتقدم المفاوضات ويظهر احتمال التوصل إلى اتفاق، لكنه يعود للتصريح لوسائل الإعلام الأجنبية بأنه لا ينوي إيقاف الحرب. وقال لابيد إن هذا التصريح يرسل إشارات لحركة حماس بعدم وجود نية جادة لإبرام اتفاق.
من جهة أخرى، قالت هيئة عائلات الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين: “على جميع المواطنين المطالبة بإنهاء الحرب وإبرام صفقة تعيد جميع المختطفين”، في إشارة إلى الضغط المتزايد في الشارع الإسرائيلي على الحكومة.
كما انتقد رئيس كتلة الديمقراطيين، يائير غولان، بشدة نتنياهو، قائلاً: “هل هناك أحد في إسرائيل اليوم لا يدرك أن نتنياهو عرقل مرارًا وتكرارًا صفقة تحرير الأسرى؟”، وأضاف أن محاولات التشويه التي طالت عائلات الأسرى والجيش والشاباك كانت نتيجة معارضة شديدة لصفقة الأسرى التي تشكل خطرًا على استقرار ائتلاف نتنياهو الحاكم.
الموقف العسكري
اللواء احتياط ونائب رئيس الأركان السابق يائير غولان، الذي يُعد من أبرز الشخصيات العسكرية في إسرائيل، أشار إلى أن عدم إعادة الأسرى سيكون “شرخًا لا يمكن إصلاحه”. وقال غولان إنه يجب التوصل إلى صفقة شاملة، وإلا ستستمر حركة حماس في خداع إسرائيل بشكل مستمر.
وفي نفس السياق، ذكر عضو الكنيست سيمون دافيدسون أن “أي ثمن يتوجب علينا دفعه كدولة – سواء كان الإفراج عن الأسرى، أو الانسحاب من غزة، أو حتى إطلاق سراح مروان البرغوثي – يصبح مبررًا إذا كان سيؤدي إلى تحرير جميع الأسرى”. وأضاف أن المفاوضات قد استمرت لفترة طويلة، وأنه يجب الوصول إلى نتيجة في النهاية.
تعليق واحد