في ذكرى وفاته : الشيخ مصطفى إسماعيل صوت لا يغيب عن مسامع عشاق القرآن
الشيخ مصطفى إسماعيل : صوت السماء الذي لم يفقد تأثيره عبر الأجيال

تمر اليوم ذكرى رحيل القارئ العملاق، الشيخ مصطفى إسماعيل، أحد أعظم قراء القرآن الكريم في التاريخ الإسلامي. نستعرض لكم من خلال جريدة وموقع اليوم تغطيه خاصه عن ذكري رحيل الشيخ مصطفى اسماعيل.
بصوته الذي يفيض بالجمال والخشوع، وأدائه الذي يمزج بين الإتقان الفني والروحانية العميقة، استطاع الشيخ أن يضع اسمه في قائمة أعظم الشخصيات التي كرست حياتها لخدمة كتاب الله ونشر رسالته.
النشأة المبكرة
وُلد الشيخ مصطفى إسماعيل في 17 يونيو 1905 بقرية ميت غزال التابعة لمركز طنطا في محافظة الغربية بمصر. نشأ في بيئة ريفية بسيطة، لكنها كانت مفعمة بحب الدين والقرآن. حفظ الشيخ القرآن الكريم كاملًا وهو في الثانية عشرة من عمره، وأظهر منذ صغره موهبة استثنائية في تقليد كبار القراء وإبداع التلاوات المميزة.
بعد حفظه للقرآن، انتقل الشيخ إلى مدينة طنطا ليتلقى علوم التجويد والقراءات على يد الشيخ محمد المتولي، أحد أبرز علماء عصره، حيث تعلم قواعد التلاوة الصحيحة وأصول الأداء، ما ساعده على صقل موهبته الصوتية الفريدة.
انطلاقه نحو النجومية
لم يكن صوت الشيخ مصطفى إسماعيل مجرد صوت جميل، بل كان صوتًا استثنائيًا يحمل عبقرية موسيقية وروحانية عميقة. اعتمد في تلاوته على إتقان علم المقامات الموسيقية، وهو ما جعله قادرًا على التنقل بسلاسة بين مختلف المقامات، محققًا تأثيرًا وجدانيًا لا يُضاهى على مستمعيه.
في عام 1936، جاءته الفرصة الكبرى عندما استمع إليه الملك فاروق وأُعجب بأدائه، فعينه قارئًا للقصر الملكي. من هنا بدأت مسيرته نحو العالمية، حيث أصبح أحد أشهر قراء القرآن في مصر والعالم الإسلامي.
محطات بارزة في حياة الشيخ
التأثير العالمي: لم يقتصر دور الشيخ مصطفى إسماعيل على مصر، بل سافر إلى العديد من الدول مثل السعودية، سوريا، العراق، باكستان، والهند، حيث تلا القرآن في محافل دولية وجذب إليه ملايين المستمعين.
الإذاعة المصرية: كان من أوائل القراء الذين سجلوا تلاواتهم للإذاعة المصرية، حيث ساهمت تسجيلاته في نشر صوته إلى كل بيت في العالم العربي والإسلامي.
التكريمات: حصل الشيخ على العديد من الجوائز والأوسمة من مختلف الدول، أبرزها وسام الاستحقاق من الرئيس جمال عبد الناصر، وتقديرات من المملكة العربية السعودية وباكستان.
بصمة خالدة
كان أداء الشيخ مصطفى إسماعيل فريدًا من نوعه، حيث لم يكن مجرد قارئ، بل كان مبدعًا وفنانًا يعرف كيف يُدخل المستمع في أجواء روحانية من خلال صوته. اعتمد على فهم عميق لمعاني الآيات، ما جعله قادرًا على تجسيد المشاعر القرآنية بنغمات صوتية متقنة.
وفاته وإرثه
في 26 ديسمبر 1978، رحل الشيخ مصطفى إسماعيل عن عمر ناهز 73 عامًا، تاركًا وراءه إرثًا هائلًا من التسجيلات القرآنية التي لا تزال تُبث في الإذاعات وتُسمع في البيوت والمساجد.
يُعد الشيخ مصطفى إسماعيل رمزًا خالدًا لفن التلاوة القرآنية، وأيقونة في تاريخ العالم الإسلامي. فقد أثبت بصوته وإبداعه أن القرآن الكريم ليس مجرد كتاب مقدس، بل هو أيضًا مصدر جمال وإلهام لا ينتهي.
رحم الله الشيخ مصطفى إسماعيل، ونسأل الله أن يجعل إرثه العظيم في ميزان حسناته.