محمود عرفات يكتب: أئمة الأزهر.. وعودة الأذهان إلى عراقة المدرسة المصرية

حدثني أحدهم فقال لي هل القراء المصريين معروفين خارج مصر، وذلك تعقيبا على حديث دار معه حول قراء الجامع الأزهر ومدى جمال صوتهم وإتقانهم بهذا الشكل الذي لم يكن حديثا عليهم، ولكني لم أرَ التفاف الناس حولهم مثل شهر رمضان هذا، ربما ذلك يرجع إلى التسويق الجيّد الذي انتهجته صفحة الأزهر الرسمية، فهؤلاء كان فقط ينقصهم أن يخرجوا للنور ليدركَ الناس قدر القارئ المصري الذي له تاريخ لم يصل إليه أحد.
الحقيقة أن السؤال الذي طُرح عليَّ طرحني أرضًا! كيف لم يعرف أحد أن القراء المصريين لهم الريادة في فن الترتيل والتجويد منذ أن عرف العصر الحديث معنى للتلاوة والإنشاد، والقراء القدامى جابوا مشرق الأرض ومغاربها حتى أن الشيخ عبد الباسط عبد الصمد وهو من أعمدة دولة التلاوة المصرية يعد الشخصية الإسلامية الأشهر في القرن العشرين، حتى كان استقباله في دول العالم يسبق استقبال الملوك والرؤساء، ولا زالت شهرته إلى يومنا هذا مع أقرانه من القراء دليلا دامغا على ريادة المدرسة المصرية.
بالعودة إلى أيمة الجامع الأزهر، فإنه ليس جديدا عليهم، ولكن كان فقط ينقصهم تسليط الأضواء عليهم لتصلَ رسالة للعالم كله أن مصر لا زالت تزخر بقراء استقوا من تاريخ ناصع البياض، وكان هذا ضروريا في أيامٍ المتصدرون لمشهد التلاوة شوّهوا أصول المدرسة المصرية حتى ظن الناس أنه لا يوجد في دولة التلاوة ما يدعو للنظر.
شكّل هؤلاء الأيمة بصوتهم المصريّ الأصيل وعراقة أزهريتهم حالة غير مسبوقة أعادوا من خلالها أذهان الناس أصالة المدرسة المصرية، حتى لتجدَ أن تلاوتهم في محراب الجامع الأزهر صار جزءًا من يوم آلاف المستمعين، حيث ينتظرون المقاطع المسجلة لهم على صفحة الأزهر، بل الكثير منهم من يقطع المسافات ليصلي خلفهم، وكأن التاريخ يعيد نفسه، في وقت كان الناس يقطعون البلاد ليستمعوا إلى محافل القراء الكبار.