بين الحب القديم وواجب الأمومة.. حكاية أم قاومت بخل زوجها بخلعه

كانت “منى” تجلس على مقعدها في المحكمة، تتلفت يمينًا ويسارًا، وكأنها تبحث بين الوجوه عن إجابةٍ شافية، سنوات طويلة مرت عليها، لكن هذه السنوات التي كانت تتخيلها سعادةً وراحة، تحولت إلى طريق طويل مليء بالألم والمعاناة؛ حتى قررت بعد عشرين عامًا من الصبر، أن تضع حدًا لعذابها وتدافع عن مستقبل أبنائها.
كانت قد تزوجت من “عبدالرحمن” في مقتبل عمرها، بائع ناجح يتمتع بسمعة طيبة وأحوال مادية جيدة، تزوجته عن حب، وتخيلت أن الحياة ستضحك لهما، وأن أحلامها سترسو على شاطئ الاستقرار، ورغم أن الله رزقهما بولدين، إلا أن الغريب في الأمر أن الأب لم يكن كريماً سوى على نفسه.
كان بخيلاً، يُخبئ الفاكهة ليأكلها وحده في الليل، لا يشتري لأولاده ملابس جديدة، بينما يحشو خزانته بما لا يحتاج.
كبر الأولاد وهم يتألمون في صمت، كانت منى تشتري لهم ملابس قديمة من أقاربها كي لا يشعروا بالحرج بين أصدقائهم، ظلت تمني نفسها أن عبدالرحمن سيتغير مع مرور السنوات، ولكنها لم تجد سوى مزيد من الجفاء والبخل والأنانية.
ثم جاء اليوم الذي قُدّر أن يكون القشة التي قصمت ظهرها، دخل ابنها الأكبر، الذي أوشك على إتمام الثانوية العامة، يطلب منها مصاريف الدروس الخصوصية، فذهبت إلى زوجها، تتوسل إليه أن يدعم ابنهما ويعطيه فرصة للتعليم، لكنه صرخ في وجهها وقال: “دخلتهم مدارس، ومش ناقص مصاريف زيادة”.
هدأت من روع ابنها، لكنها أدركت أن البقاء لم يعد ممكنًا، ورفضت أن يضيع مستقبل ابنها بسبب عناد والده.
أخذت منى ولديها وخرجت من المنزل، مصممةً على أن تقاوم البخل والأنانية، كانت تعرف أن الطريق أمامها صعب، وأن قرارها بالخلع قد يجلب لها نظرات لوم من المجتمع، لكنها كانت واثقة أن هذه الخطوة كانت من أجل أبنائها، فلجأت السيدة إلى المحكمة، رفعت دعوى خلع وطلبت إعالة لابنها ليكمل دراسته.